أرادها بشوك، ولا بعد ولا حائط، بل إذا اشتهاها المؤمن؛ دنت منه؛ حتى يأخذها. قال تعالى:
{وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً} وانظر سورة (الرحمن) رقم [٥٤]. وقيل: ليست مقطوعة بالزمان، ولا ممنوعة بالأثمان. قال تعالى في سورة (البقرة): {كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً} رقم [٢٥] والمعنى: أن الشكل يشبه الشكل، ولكن الطعم غير الطعم.
الإعراب:{وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ} انظر الاية رقم [٨] فالإعراب واحد لا يتغير. {فِي سِدْرٍ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر ثان ل: (أصحاب اليمين)، أو هما متعلقان بمحذوف خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هم في سدر، والجملة الاسمية هذه في محل رفع خبر ثان كما تقدم، أو هي مستأنفة، لا محل لها. {مَخْضُودٍ:} صفة {سِدْرٍ}. {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠) وَماءٍ مَسْكُوبٍ (٣١) وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ:} هذه الأسماء كلها معطوفة على {سِدْرٍ مَخْضُودٍ}.
{لا:} نافية. {مَقْطُوعَةٍ:} صفة ثانية ل: (فاكهة) وهي منفية. وقيل: معطوفة على (فاكهة) وعليه ف: {لا} حرف عطف، والأول أقوى، فهو مثل قوله تعالى في سورة (النور) رقم [٣٥]: {يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ}. ومثلها في هذه السورة:{لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ}.
{وَلا:}(الواو): حرف عطف. (لا): نافية، أو هي صلة لتأكيد النفي. {مَمْنُوعَةٍ:} معطوف على ما قبله.
الشرح:{وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} أي: عالية، وطيئة، ناعمة. فعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في قوله تعالى:{وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} قال: «ارتفاعها كما بين السماء والأرض، ومسيرة ما بينهما خمسمئة عام». أخرجه النسائي، والترمذي، وقال: حسن غريب. وقال بعض أهل العلم في تفسير هذا الحديث: الفرش في الدرجات، وما بين الدرجات كما بين السماء والأرض. وقيل: إن الفرش هنا كناية عن النساء اللواتي في الجنة، ولم يتقدم لهن ذكر، ولكن قوله عز وجل:{وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} دال عليهن؛ لأن الفرش محل النساء، فالمعنى: ونساء مرتفعات الأقدار في حسنهن، وكمالهن، دليله قوله تعالى:{إِنّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً} أي: خلقناهن خلقا وأبدعناهن إبداعا، والعرب تسمى المرأة: فراشا، ولباسا، وإزارا، وقد قال تعالى في سورة (البقرة) رقم [١٨٧]: {هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ}.
ثم قيل: على هذا: هنّ الحور العين؛ أي: خلقناهن من غير ولادة. وقيل: المراد نساء بني آدم؛ أي: خلقناهن خلقا جديدا، وهو الإعادة؛ أي: أعدناهن إلى حال الشباب، وكمال الجمال، والمعنى أنشأنا العجوز، والصبية إنشاء واحدا، وعن النبي صلّى الله عليه وسلّم في قوله تعالى:{إِنّا}