للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ:} الطلح: شجر الموز واحده: طلحة. قاله أكثر المفسرين: علي، وابن عباس، وغيرهما. وقال الحسن: ليس هو موز، ولكنه شجر له ظل بارد رطب. وقال الفراء، وأبو عبيدة: شجر عظام له شوك. قال النابغة الجعدي: [الرجز] بشّرها دليلها وقالا: ... غدا ترين الطّلح والأحبالا

الأحبال: جمع: حبلة بالضم، ثمر السلم، والسمر، أو ثمر العضاه عامة. وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: يشبه طلح الدنيا، ولكن له ثمر أحلى من العسل. وقرأ علي-رضي الله عنه- «(وطلع منضود)» بالعين، وتلا قوله تعالى في سورة (الشعراء) رقم [١٤٨]: {وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ،} وقوله تعالى في سورة (ق) رقم [١٠]: {وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ} فقيل له: أفلا نحولها؟ فقال: لا ينبغي أن يهاج القرآن، ولا يحول. وهذا تصريح منه-رضي الله عنه-أنه رجع عن تلك القراءة. هذا؛ و {مَنْضُودٍ} متراكب بعضه فوق بعض، والنّضد: هو الرّصّ، والمنضّد:

هو المرصوص. قال النابغة الذبياني في معلقته رقم [٥]: [البسيط] خلّت سبيل أتيّ كان يحبسه... ورفّعته إلى السّجفين فالنّضد

{وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} أي: دائم باق لا يزول، ليس فيه شمس، ولا حر كما بين الإسفار إلى طلوع الشمس. قال ابن مسعود-رضي الله عنه-: الجنة سجسج كما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. قال تعالى في سورة (النساء) رقم [٥٧]: {لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً}.

وقال تعالى في سورة (الرعد) رقم [٣٧]: {أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها} وقال تعالى في سورة (المرسلات) رقم [٤١]: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ} انظر شرح هذه الايات في محالها. وفي صحيح الترمذي، وغيره من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلّها مئة عام، لا يقطعها». واقرؤوا إن شئتم: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ» وهذا الحديث ذكرته في سورة (الرعد) رقم [٣٥]. هذا؛ وقال أبو عبيدة: تقول العرب للدهر الطويل، والعمر الطويل، والشيء الذي لا ينقطع: ممدود. قال لبيد بن ربيعة-رضي الله عنه-: [الكامل] غلب العزاء وكنت غير مغلّب... دهر طويل دائم ممدود

{وَماءٍ مَسْكُوبٍ} أي: مصبوب يجري دائما في غير أخدود، ولا ينقطع، وأصل السكب:

الصب، يقال: سكبه سكبا، والسكوب: انصبابه، يقال: سكب سكوبا، وانسكب انسكابا.

هذا؛ وكانت العرب أصحاب بادية، وبلاد حارة، وكانت الأنهار في بلادهم عزيزة، لا يصلون إلى الماء إلا بالدلو، والرشاء، فوعدوا في الجنة خلاف ذلك، ووصف لهم أسباب النزهة المعروفة في الدنيا، وهي الأشجار، وظلالها، والمياه، والأنهار، واطرادها.

{وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ} أي: ليست بالقليلة العزيزة، كما كانت في بلاد العرب. {لا مَقْطُوعَةٍ} أي:

في وقت من الأوقات، كانقطاع فواكه الصيف في الشتاء. {وَلا مَمْنُوعَةٍ} أي: لا يمنع من أكلها من

<<  <  ج: ص:  >  >>