والفعل «خسأ» يكون لازما، ومتعديا، وهو من الباب الثالث، مثل: قطع، يقطع، وفتح، يفتح. هذا؛ والمادة تدل على الصغار، والذلة، والهوان، قال تعالى لليهود اللؤماء الذين اعتدوا في السبت:{فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ} رقم [٦٥] من سورة (البقرة)، و [١٦٦] من سورة (الأعراف).
{وَهُوَ حَسِيرٌ} أي: قد بلغ الغاية في الإعياء فهو بمعنى: فاعل من الحسور؛ الذي هو الإعياء، ويجوز أن يكون: مفعولا من: حسره بعد الشيء، وهو معنى قول ابن عباس-رضي الله عنهما-. ومنه قول الشاعر:[البسيط]
من مدّ طرفا إلى ما فوق غايته... ارتدّ خسآن منه الطّرف قد حسرا
يقال: قد حسر بصره، يحسر حسورا، أي: كلّ، وانقطع نظره من طول مدى، وما أشبه ذلك، فهو حسير، ومحسور أيضا. قال الشاعر:[الطويل]
نظرت إليها بالمحصّب من منى... فعاد إليّ الطّرف وهو حسير
الإعراب:{ثُمَّ:} حرف عطف. {اِرْجِعِ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره:«أنت».
{الْبَصَرَ:} مفعول به. {كَرَّتَيْنِ:} مفعول مطلق عامله: ارجع؛ لأنه بمعنى: رجعتين، فهو منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه مثنى، والنون عوض من التنوين في الاسم المفرد، وجملة:{اِرْجِعِ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها. {يَنْقَلِبْ:} مضارع مجزوم؛ لوقوعه جوابا للأمر، وجزمه عند الجمهور بشرط محذوف. {إِلَيْكَ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {الْبَصَرَ:} فاعل {يَنْقَلِبْ،} والجملة الفعلية لا محل لها. {خاسِئاً:} حال من {الْبَصَرَ}. {وَهُوَ:}(الواو): واو الحال. (هو): مبتدأ. {حَسِيرٌ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب حال ثانية من {الْبَصَرَ،} أو هي حال من الضمير المستتر ب: {خاسِئاً،} فهي حال متداخلة.
الشرح:{وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا} أي: القربى من الأرض. {بِمَصابِيحَ} جمع: مصباح، وهو السراج، وهي اليوم مصابيح كهربائية، وتسمى الكواكب مصابيح؛ لإنارتها. ففي الكلام استعارة تصريحية؛ لأن حقيقة المصباح كما في المختار: السراج. هذا؛ و {رُجُوماً} جمع: رجم، وهو مصدر، والمراد به المفعول، أي: ما يرجم به، ولذلك قال الجلال: مراجم؛ أي: أمورا يرجم بها، وفي السمين: و (الرجوم) جمع: رجم، وهو مصدر في الأصل أطلق على المرجوم به،