كلّ يوم تتلوّن... غير هذا بك أجمل
{صَفْراءُ:} لونها أصفر. {فاقِعٌ لَوْنُها:} شديد الصفرة، وجمهور المفسّرين: أنها صفراء اللون من الصّفرة المعروفة، قال مكي عن بعضهم: حتّى القرن، والظّلف. وروي عن الزمخشري: ولعلّه مستعار من صفة الإبل؛ لأن سوادها تعلوه صفرة، وبه فسر قوله تعالى في سورة (المرسلات): {كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ} وقال الأعشى: [الخفيف]
تلك خيلي منه وتلك ركابي... هنّ صفر أولادها كالزّبيب
وردّ هذا التفسير بأنّ الفقوع خاص بالصّفرة، وهو تأكيد لها، كما يؤكد غيرها، فيقال:
أبيض ناصع، وأحمر قان، وأسود حالك، وأخضر ناضر، والمراد: تأكيد الصفات بما بعدها بمعنى شديدها. {تَسُرُّ النّاظِرِينَ:} تعجبهم لحسنها، وجمالها. والسّرور: لذّة في القلب عند حصول نفع، أو توقّعه، ومنه السرير ذو النعمة لإتمام سرورهم بالنّعمة، وسرير الميّت تشبيها له بذلك في الصّورة، وتفاؤلا بذلك. جمل.
روي عن الإمام عليّ كرّم الله وجهه: أنه قال: من لبس نعلا صفراء قلّ همّه، وكثر سروره، لقوله تعالى: {صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النّاظِرِينَ}. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب: {قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها:} انظر الآية السابقة فهو مثله في إعرابه. {قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ:} انظر الآية السابقة أيضا. {فاقِعٌ:} صفة ثانية ل {بَقَرَةٌ}.
{لَوْنُها:} فاعل ب {فاقِعٌ؛} لأنه صفة مشبهة، وليس اسم فاعل؛ لأنه صفة ثابتة، وليست متجدّدة، و «ها» في محل جر بالإضافة. هذا؛ ويجوز أن يكون {فاقِعٌ} خبرا مقدما، وفاعله مستتر فيه.
و ({لَوْنُها}): مبتدأ مؤخرا، والجملة الاسمية صفة ثانية ل {بَقَرَةٌ}. {تَسُرُّ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى {بَقَرَةٌ}. {النّاظِرِينَ:} مفعول به منصوب... إلخ، والجملة الفعلية في محل رفع صفة ثالثة ل {بَقَرَةٌ} أو هي في محل نصب حال من {بَقَرَةٌ} بعد وصفها بما تقدم. هذا؛ وجوز أن يكون {لَوْنُها} مبتدأ، وجملة: {تَسُرُّ النّاظِرِينَ} في محل رفع خبره، والجملة الاسمية على هذا صفة {بَقَرَةٌ} وأنّث الفعل {تَسُرُّ} لأن المبتدأ {لَوْنُها} اكتسب التأنيث من الضمير المؤنث: (ها) كما في قولهم: قطعت بعض أصابعه، وهذا يعني: أنّ فاعل {تَسُرُّ} يعود إلى {لَوْنُها} وأراه تكلفا لا داعي له، ولو قرئ: ««يسرّ»» بياء المضارعة؛ لكان وجها صحيحا، ولكن لم أطلع على قراءة بذلك.
{قالُوا اُدْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ (٧٠)}
الشرح: {قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ} أي: أهي مذلّلة بالعمل، أم هي متروكة بدون عمل، ودلّ على ذلك تفسيره بالآية الآتية. {الْبَقَرَ} جماعة البقر، وانظر الآية رقم [٦٧]. {تَشابَهَ عَلَيْنا}