سورة (الشورى) وتسمى سورة (عسق) وسورة (حم عسق) وهي مكية في قول ابن عباس، والجمهور، وحكي عن ابن عباس-رضي الله عنهما-: إلاّ أربع آيات نزلت بالمدينة أولها: {قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى..}. وهي ثلاث وخمسون آية، وثمانمئة وستون كلمة، وثلاثة آلاف وخمسمئة، وثمانية وثمانون حرفا. والله أعلم. انتهى. خازن بحروفه.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{حم (١) عسق (٢)}
الشرح: قال عبد المؤمن: سألت الحسين بن الفضل: لم قطع حروف {حم} من:
{عسق} ولم تقطع {كهيعص} و {المر} و {المص؟} فقال: لأنّها بين سور أوائلها {حم} فجرت مجرى نظائرها، قبلها، وبعدها، فكأنّ {حم} مبتدأ، و {عسق} خبره، ولأنها عدت آيتين، وعدت أخواتها التي لم تقطع آية واحدة. وقيل: لأنّ أهل التأويل لم يختلفوا في {كهيعص} وأخواتها: أنّها حروف التهجي. وقيل: كتبت {حم (١) عسق} منفصلا، و {كهيعص} متصلا؛ لأنّه قيل: معنى {حم} فعل؛ أي: حمّ ما هو كائن، ففصلوا بين ما يقدر فيه فعل، وبين ما لا يقدر، ثم لو فصل هذا، ووصل ذا؛ لجاز.
وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: ح: حلمه، م: مجده، ع: علمه، س: سناه، ق:
قدرته؛ أقسم الله عزّ وجل بها. وقيل: هذا في شأن محمد صلّى الله عليه وسلّم، فالحاء: حوضه المورود، والميم:
ملكه الممدود، والعين: عزه الموجود، والسين: سناه المشهود، والقاف: قيامه في المقام المحمود، وقربه في الكرامة من الملك المعبود. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: ليس من نبي صاحب كتاب إلا وقد أوحي إليه: {حم (١) عسق} فلذلك قال تعالى: {كَذلِكَ يُوحِي..}. إلخ.
هذا؛ وذكر القشيري-واللفظ للثعلبي-: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم، لما نزلت هذه الآية عرفت الكآبة في وجهه، فقيل له: يا رسول الله! ما أحزنك؟ قال:«أخبرت ببلايا تنزل بأمتي من خسف، وقذف، ونار تحشرهم، وريح تقذفهم في البحر، وآيات متتابعات متصلات بنزول عيسى، وخروج الدجال». والله أعلم. انتهى. ما تقدم من الخازن، والقرطبي. هذا؛ وانظر ما ذكرته في أول سورة (غافر) بشأن الحواميم. هذا؛ ومن الضلال المبين ما قيل في تفسير {حم (١) عسق}