{وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ (٣٢)}
الشرح: {وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً} أي: من أن يقع، ويسقط على الأرض، أو محفوظا من الشياطين أن تسترق السمع، أو محفوظا من الفساد، والانحلال، والاختلال إلى يوم الوقت المعلوم.
{وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ} أي: عما خلق الله فيها من الشمس، والقمر، والنجوم، والكواكب، وكيفية حركاتها في أفلاكها، ومطالعها، ومغاربها، والترتيب العجيب الدال على الحكمة البالغة، والقدرة القاهرة، فهم لا يتفكرون، ولا يعتبرون. هذا؛ وأضاف سبحانه الآيات إلى السماء؛ لأنها مجعولة فيها، وقد أضاف الآيات إلى نفسه في مواضع كثيرة؛ لأنه هو الفاعل لها، وانظر شرح: (آية) في رقم [٥].
هذا؛ و {السَّماءَ} يذكر ويؤنث، والسماء: كل ما علاك، فأظلك، ومنه قيل لسقف البيت:
سماء، والسماء: المطر، يقال: ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم، قال معاوية بن مالك: [الوافر]
إذا نزل السّماء بأرض قوم... رعيناه، وإن كانوا غضابا
أراد بالسماء: المطر، ثم أعاد الضمير عليه في رعيناه بمعنى النبات، وهذا يسمى في فن البديع بالاستخدام، وأصل سماء: سماو، فيقال في إعلاله: تحركت الواو، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، ولم يعتد بالألف الزائدة؛ لأنها حاجز غير حصين، فالتقى ساكنان: الألف الزائدة، والألف المنقلبة، فأبدلت الثانية همزة.
الإعراب: (جعلنا): فعل، وفاعل. {السَّماءَ:} مفعول به أول. {سَقْفاً:} مفعول به ثان.
{مَحْفُوظاً:} صفة له. {وَهُمْ:} الواو: واو الحال. (هم): مبتدأ. {عَنْ آياتِها:} متعلقان بما بعدهما، والهاء في محل جر بالإضافة. {مُعْرِضُونَ:} خبر المبتدأ مرفوع... إلخ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من واو الجماعة، أو من السماء، والرابط على الاعتبارين الواو، والضمير، وجملة: {وَجَعَلْنَا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها.
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٣٣)}
الشرح: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ..}. إلخ: ذكّر الله الكافرين، والناس أجمعين نعمة أخرى من نعمه الكثيرة التي لا تعد، ولا تحصى؛ حيث جعل الليل؛ ليسكنوا فيه، وجعل لهم النهار؛ ليسعوا فيه لمعايشهم، وجعل الشمس آية النهار، والقمر آية الليل؛ ليعلموا السنين والحساب، انظر الآية رقم [١٢] من سورة (الإسراء) فالشرح فيها واف كاف. {كُلٌّ} أي: كل واحد مما ذكر. {فِي فَلَكٍ}