{ثُبُوراً:} يقال فيه: ما قيل في الآية السابقة. {واحِداً:} صفة له، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول محذوف، التقدير: يقال لهم: لا تدعوا، وهذه الجملة المقدرة معطوفة على جملة:{وَادْعُوا..}. إلخ، أو هي مستأنفة، لا محل لها على الاعتبارين. {وَادْعُوا:} الواو:
حرف عطف. (ادعوا): فعل أمر مبني على حذف النون؛ لأن مضارعه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق. {ثُبُوراً:} هو مثل سابقه. {كَثِيراً:} صفة له. {وَادْعُوا..}. إلخ هذه الجملة معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول مثلها.
الشرح:{قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ:} الإشارة: إلى العذاب المذكور في الآيات السابقة، والاستفهام، والتفضيل، والترديد للتقريع مع التهكم. أو: إلى الكنز، والجنة المذكورين في الآية رقم [٨]. وإضافة (الجنة) إلى {الْخُلْدِ} للمدح، أو للدلالة على خلودهم، وعدم فنائها، أو للتمييز عن جنات الدنيا. {كانَتْ لَهُمْ:} في علم الله القديم الأزلي، أو في اللوح المحفوظ، أو لأن ما وعده الله المتقين في تحققه كالواقع، كأنه قد كان مكتوبا في اللوح المحفوظ، قيل: أن يخلقهم الله بأزمنة متطاولة: أن الجنة مالهم، ومصيرهم جزاء لهم على أعمالهم الصالحة التي عملوها في الدنيا.
قال القرطبي-رحمه الله تعالى-: إن قيل: كيف قال: {أَذلِكَ خَيْرٌ} ولا خير في النار؟! فالجواب أن سيبويه حكى عن العرب: الشقاء أحب إليك أم السعادة؟ وقد علم: أن السعادة أحبّ إليه. وقيل: ليس هو من باب: أفعل منك، وإنما هو كقولك: عنده خير، قال النحاس:
وهذا قول حسن، كما قال حسان-رضي الله عنه-يمدح النبي صلّى الله عليه وسلّم، ويهجو أبا سفيان:[الوافر]
أتهجوه، ولست له بكفء؟! ... فشرّ كما لخير كما الفداء
وقيل: إنما قال ذلك على معنى: علمكم واعتقادكم أيها الكفار، وذلك أنهم لما كانوا يعملون عمل أهل النار، صاروا كأنهم يقولون: إن في النار خيرا. انتهى. أقول: وما آية (يوسف) رقم [٣٩] منك ببعيد.
الإعراب:{قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره:«أنت». {أَذلِكَ:} الهمزة: حرف استفهام، وتوبيخ وتقريع. (ذلك): اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {خَيْرٌ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول. {أَمْ:} حرف عطف. {جَنَّةُ:} معطوف على اسم الإشارة، وهو مضاف،