{وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ:} الواضح. والكتاب: ما يتضمّن الشّرائع، والأحكام، ولذلك جاء الكتاب، والحكمة متعاطفين في كثير من الآيات القرآنية. وقيل: المراد بالزّبور: الصّحف المنزلة على الأنبياء، كصحف إبراهيم، وهي ثلاثون، وصحف موسى قبل التوراة، وهي عشرة، وكصحف شيث، وهي ستّون، وصحف إدريس، وهي عشرة، فجملة الصحف مائة وعشرة، تضمّ لها الكتب الأربعة: التوراة، والإنجيل، والزّبور، والقرآن، فجملة الكتب المنزلة على الأنبياء مائة وأربعة عشر، وسور القرآن مائة وأربع عشرة، لذا فقد حوى جميع ما نزل في الكتب التي نزلت على الأنبياء، ومثل هذه الآية الآية رقم [٢٥]: من سورة (فاطر).
الإعراب:{فَإِنْ:} الفاء: حرف استئناف. (إن): حرف شرط جازم، {كَذَّبُوكَ:} فعل ماض مبني على الضمّ في محل جزم فعل الشرط، والواو فاعله، والكاف مفعول به، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنّها ابتدائية، ويقال: لأنّها جملة شرط غير ظرفي. {فَقَدْ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {كُذِّبَ:} فعل ماض مبني للمجهول. {رُسُلٌ:} نائب فاعله، والجملة الفعلية في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدّسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محلّ المفرد. هذا؛ وإن اعتبرت الجواب محذوفا فالجملة الفعلية تكون مفيدة للتعليل، ويكون التقدير: فإن كذبوك؛ فلا تحزن؛ لأنّه قد كذب
إلخ. {مِنْ قَبْلِكَ:} متعلقان بمحذوف صفة: {رُسُلٌ} وهو أقوى من تعليقهما بالفعل: {كُذِّبَ} والكاف في محل جر بالإضافة. {جاؤُ:} ماض وفاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية في محل رفع صفة ثانية لرسل، أو في محل نصب حال منه بعد وصفه بما تقدّم. {بِالْبَيِّناتِ:}
متعلّقان بما قبلهما، أو بمحذوف حال من واو الجماعة. {وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ:} معطوفان على ما قبلهما. {الْمُنِيرِ:} صفة (الكتاب).
الشرح: يخبر الله جلّت قدرته في هذه الآية، وفي سورة (الأنبياء) رقم [٣٥] إخبارا عامّا يعمّ جميع الخليقة بأنّ كلّ نفس ذائقة الموت، كقوله تعالى في سورة (الرحمن): {كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ (٢٦) وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ} فهو وحده الحيّ الذي لا يموت، والجنّ، والإنس يموتون، وكذلك الملائكة، وحملة العرش، وينفرد الواحد القهار بالدّيمومة، والبقاء، فيكون باقيا كما كان أزليّا قديما، وهذه الآية، وآية (الأنبياء) فيهما تعزية لجميع الناس، فإنّه لا يبقى أحد على وجه الأرض؛ حتّى يموت. ورحم الله من قال:[البسيط]