تعالى لآدم يوم القيامة:«يا آدم! أخرج من ذرّيتك بعث النّار، فيقول: يا ربّ! وما بعث النّار؟ فيقول الله تعالى: أخرج من كلّ ألف تسعمائة وتسعة وتسعين فعند ذلك تشيب الأطفال من شدّة الهول». أخرجه مسلم. فنصيب الشّيطان هو بعث النّار، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٧] من سورة المزمّل؛ تجد ما يسرك.
الإعراب:{لَعَنَهُ:} فعل ماض ومفعوله. {اللهُ:} فاعله، والجملة الفعلية في محل نصب صفة ثانية ل {شَيْطاناً} في الآية السابقة، أو في محل نصب حال منه بعد وصفه بما تقدّم، وجوّز «الجمل» فيها الاستئناف، وقال: إمّا إخبار بذلك، وإما دعاء عليه. (قال): فعل ماض، والفاعل يعود إلى:{شَيْطاناً}. {لَأَتَّخِذَنَّ:} فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، واللام واقعة في جواب القسم المحذوف، والنون حرف لا محلّ له، والفاعل ضمير مستتر تقديره: أنا، والجملة الفعلية جواب القسم المحذوف، والقسم وجوابه في محل نصب مقول القول، وجملة:{وَقالَ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب صفة مثلها، أو هي في محل نصب حال من الضمير المنصوب، وهي على تقدير «قد» قبلها، والرابط: الواو، والضمير، وجوّز اعتبارها مستأنفة. {مِنْ عِبادِكَ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محلّ نصب مفعول به ثان، والكاف في محل جر بالإضافة. {نَصِيباً:} مفعول به. {مَفْرُوضاً:} صفة له.
الشرح:{وَلَأُضِلَّنَّهُمْ} أي: لأبعدنّهم عن طريق الحقّ. والمراد: التّزيين، والوسوسة، وإلا؛ فليس له من الإضلال شيء. قال بعضهم: لو كانت الضلالة إلى إبليس؛ لأضلّ جميع الخلق. {وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: يريد تسويف التوبة، وتأخيرها. وقال الكلبيّ-رحمه الله تعالى-: أي: الأماني الباطلة، كطول الحياة، وأن لا بعث، ولا حساب، ولا عقاب، ولا جنّة، ولا نار. انتهى. والأماني لا تنحصر؛ لأنّ كل واحد في نفسه إنّما يمنّيه بقدر رغبته، وقرائن أحواله. {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ} أي: يقطّعونها، ويشعرونها، وهو ما كانوا يفعلونه بالبحيرة، والسّائبة، والوصيلة من الحيوانات المذكورة في سورة (المائدة) رقم [١٠٣]، والبتك: شقّ الأذن، وهو أيضا: القطع. {الْأَنْعامِ:} مأكولة اللّحم من: بقر، وغنم، وإبل، وما عز.
{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ} أي: عن وجهه صورة، أو صفة، ويندرج فيه ما قيل من فقء عين الحامي، وخصاء العبيد، والوشم، والوشر، والوسم في الوجه، واللّواط، والسّحاق