الاسمية صفة قرن باعتبار لفظه، أو محله، وقال الزمخشري وأبو البقاء: صفة (كم)، ورده ابن هشام في المغني، وجمع الضمير حملا على معنى {قَرْنٍ،}، {أَثاثاً:} تمييز. {وَرِءْياً:} معطوف على ما قبله، والجملة الفعلية:{وَكَمْ أَهْلَكْنا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.
الشرح:{قُلْ:} خطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم. {مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ} أي: في الكفر، والطغيان.
{فَلْيَمْدُدْ..}. إلخ: هذا أمر، ومعناه الخبر؛ أي: من كان في الضلالة مد له الرحمن في هذه الدنيا، وفتح عليه من أبواب الرزق، والنعيم ما يريد، حتى يطول اغتراره بالدنيا، فيكون ذلك أشد لعقابه. نظيره قوله تعالى:{إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً} وقوله جل ذكره: {وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ} أي: فليعش ما شاء، وليوسع لنفسه في العمر، فمصيره إلى الموت، والعقاب، فإن هذا الإمداد استدراج، وليس بإكرام، وهذا في غاية التهديد، والوعيد. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٨٢ و ١٨٣] من سورة (الأعراف) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.
وأفيدك: أنه قد ذكر لفظ الرحمن في هذه السورة في ستة عشر موضعا. هذا؛ ومثل الآية الكريمة في وقوع الجملة الطلبية بمعنى: الخبر قول رجل من بني نهشل، وهو الشاهد رقم [١٠٠٠] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الوافر]
وكوني بالمكارم ذكّريني... ودلّي دلّ ماجدة صناع
إذ المعنى: وكوني بالمكارم تذكرينني.
{حَتّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ} أي: يمد الله لهم في هذه الدنيا، ويعطيهم ما يتمنون، ويستمرون في طغيانهم حتى يروا ما يحل بهم إما العذاب في الدنيا، وذلك بالقتل، والأسر، والخزي، وقد أنجز الله وعيده لهم يوم بدر بما حصل فيهم، كما هو معروف، وإما قيام الساعة، وما ينالهم فيها من الخزي والنكال. {فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً} أي: إذا نزل بهم أحد الأمرين فعند ذلك يعلمون من هو شر مكانا، وأضعف جندا، أهم أم المؤمنون؟ حيث يعاينون الأمر على عكس ما قدروه، وعاد ما متعوا به خذلانا، ووبالا عليهم. وهذا الكلام في مقابلة قولهم:{أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا} في الآية رقم [٧٣] في يوم القيامة مكانهم جهنم، ومكان المؤمنين الجنة، وجندهم الشياطين، وجند المؤمنين الملائكة.
بعد هذا انظر شرح:{السّاعَةَ} في الآية رقم [٨٥] من سورة (الحجر)، وإعلال {رَأَوْا} مثل إعلال: «ألقوا» في الآية رقم [٨٧] من سورة (النحل)، والفعل (يعلمون) من المعرفة لا العلم،