للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيه: قرئ قوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [٣٧]: {فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ} برفع آدم، ونصب كلمات، وقرأ ابن عباس-رضي الله عنهما-بنصب آدم، ورفع كلمات، ومعنى القراءتين واحد، وهذا مبني على قاعدة، وهي أن ما لقيك فقد لقيته، وما لقيته فقد لقيك.

هذا؛ و {لَدُنْ} بمعنى عند، وفيها إحدى عشرة لغة، أفصحها: إثبات النون ساكنة، وهي لغة القرآن الكريم، وهي بجميع لغاتها، معناها: أول غاية زمان، أو مكان، وقلما يفارقها «من» الجارة لها، فإذا أضيفت إلى الجملة؛ تمحضت للزمان؛ لأن ظروف المكان لا يضاف منها إلى الجملة إلا «حيث». ويجوز تصدير الجملة بحرف مصدري لما لم يتمحض «لدن» في الأصل للزمان، وإذا أضيفت للضمير وجب إثبات النون؛ لأنه لا يقال: لده، ولا لدك، و «لدن» مبني في جميع لغاته، وإنما لم يعرب ك‍: «عند»؛ لأن «عند» لما بحضرتك، وما يبعد منك، وقد كان حكمها أن تبنى ك‍: «لدن» لو لم يلحقها من التعريف ما ذكرناه، و «لدن» لا يتجاوز بها حضرة الشيء، فلهذا كانت مبنية.

الإعراب: {وَإِنَّكَ:} الواو: حرف استئناف. (إنك): حرف مشبه بالفعل، والكاف ضمير متصل في محل نصب اسمها. {لَتُلَقَّى:} اللام: هي المزحلقة. (تلقى): فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: «أنت»، وهو المفعول الأول. {الْقُرْآنَ:} مفعول به ثان. {مِنْ:} حرف جر.

{لَدُنْ:} اسم مبني على السكون في محل جر ب‍: {مِنْ،} والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما. و {لَدُنْ:} مضاف، و {حَكِيمٍ} مضاف إليه. {عَلِيمٍ:} بدل من {حَكِيمٍ؛} لأنهما اسمان للذات العلية، وجملة: {لَتُلَقَّى..}. إلخ في محل رفع خبر (إن)، والجملة الاسمية: {وَإِنَّكَ..}.

إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٧)}

الشرح: {إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ} أي: اذكر يا محمد لقومك وقت قال موسى لأهله: امكثوا هنا.

وهذا كان حين قضى الأجل الذي عاقد شعيبا عليه، ثم استأذنه في الرجوع إلى أهله بمصر، وخرج بزوجه، فلما وافى وادي الطور، وفيه جبل الطور، وكانت أيام الشتاء، فأخذ على غير الطريق المعروف مخافة من ملوك الشام، وامرأته حامل في شهرها، لا يدري: أليلا تضع حملها أم نهارا، فسار في البرية غير عارف بطرقها، فألجأه المسير إلى جانب الطور الغربي الأيمن، وذلك في ليلة مظلمة مثلجة، شديدة البرد لما أراد الله من كرامته، فأخذ امرأته الطلق، فأخذ زنده، فجعل يقدح فيها، فلا توري، فأبصر نارا من بعيد عن يسار الطريق من جانب الطور الأيمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>