للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النحاة، وفي مقدمتهم سيبويه، والمحققون وعلى رأسهم الأخفش ينصبونه على التوسع في الكلام. بإسقاط الخافض، لا على الظرفية، فهو منتصب انتصاب المفعول به على السعة، بإجراء اللازم مجرى المتعدي، ومثل ذلك قل في: «دخلت المدينة، ونزلت البلد، وسكنت الشام». ويجب أن تلاحظ هنا أن الفعل متعد بالهمزة إلى الثاني، فعومل معاملة المفعول الواحد إذا كان الفعل ثلاثيا؛ أي: غير متعد بالهمزة، وعلامة نصب {جَنّاتٍ} الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، وجملة: {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ} في محل نصب صفة {جَنّاتٍ}.

{خالِدِينَ:} حال من الموصول منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {فِيها:} متعلقان ب‍: {خالِدِينَ،} {بِإِذْنِ:}

متعلقان بمحذوف حال ثانية من واو الجماعة؛ أي: مأذونا لهم، و (إذن): مضاف، و {رَبِّهِمْ:}

مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله، والهاء في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. هذا؛ وأجيز تعليق {بِإِذْنِ} بالفعل (أدخل)، كما أجيز تعليقهما ب‍ {خالِدِينَ،} وجملة: {وَأُدْخِلَ الَّذِينَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {تَحِيَّتُهُمْ:} مبتدأ، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله، أو لمفعوله حسب ما تراه في الشرح.

{فِيها:} متعلقان بالمصدر (تحية). {سَلامٌ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها، وأجيز اعتبارها حالا من {الَّذِينَ،} وهي حال مقدرة، أو حال من المضمر في {خالِدِينَ،} فلا تكون حالا مقدرة، وأجيز أن تكون في موضع نصب صفة جنات. انتهى.

مكي. وينبغي أن تعلم أن الحال بالنسبة للزمان على ثلاثة أقسام: حال مقارنة، وهي الغالبة نحو قوله تعالى: {وَهذا بَعْلِي شَيْخاً،} وحال مقدرة، وهي المستقبلة، نحو قوله تعالى: {فَادْخُلُوها خالِدِينَ،} وحال محكية: وهي الماضية، نحو جاء زيد أمس راكبا.

هذا وقد قال أيضا: ونصب {جَنّاتٍ} على حذف الجر، وهو نادر لا يقاس عليه، تقول:

دخلت الدار، وأدخلت زيدا الدار، تريد: في الدار، والدليل على أن دخلت لا يتعدى أن نقيضه لا يتعدى، وهو خرجت، وكل فعل لا يتعدى نقيضه لا يتعدى هو. انتهى، مكي، ولكن ما ذكرته أولا هو المشهور عن سيبويه وغيره، فليتأمل. هذا وقد أجاز أبو البقاء عطف جملة:

{وَأُدْخِلَ الَّذِينَ..}. إلخ بالبناء للمجهول على جملة: (برزوا)، أو على جملة: {فَقالَ الضُّعَفاءُ..}. إلخ. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ (٢٤)}

الشرح: {أَلَمْ تَرَ:} خطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، والمراد به أمته، وقيل: لكل واحد على التلوين.

والرؤية هنا قلبية؛ لأن المعنى: ألم تنظر أيها الإنسان بعين البصيرة إلى ضرب هذا المثل؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>