للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: {مُنْتَشِرٌ} جاء به مفردا؛ لأن اسم الجنس الذي يفرق بينه وبين مفرده بالتاء مثل:

الجراد، والحمام يجوز معاملته معاملة المفرد، ويجوز معاملته معاملة الجمع، وقد راعى الوجهين في الاية الكريمة. ومثل الاية قوله تعالى في الاية [٢٠] الاتية: {كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} وقال النابغة الذبياني: [البسيط] واحكم كحكم فتاة الحيّ إذ نظرت... إلى حمام سراع وارد الثّمد

الإعراب: {خُشَّعاً:} حال من واو الجماعة بقوله: {يَخْرُجُونَ}. وقيل: من الضمير في:

{عَنْهُمْ}. وقيل: من الضمير المحذوف الواقع مفعول: «يدعوهم» المقدر. واعتبار الحال من الضمير في {عَنْهُمْ} ضعيف جدا. {أَبْصارُهُمْ:} فاعل ب‍: {خُشَّعاً،} والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، {يَخْرُجُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله. {مِنَ الْأَجْداثِ:}

متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية في محل نصب حال من الضمير المجرور محلا بالإضافة بقوله: {أَبْصارُهُمْ} وهذا على اعتبار: {خُشَّعاً} حالا من الضمير قبله، وجاز مجيء الحال من المضاف إليه؛ لأن المضاف جزؤه، قال ابن مالك-رحمه الله تعالى-في ألفيته: [الرجز] ولا تجز حالا من المضاف له... إلاّ إذا اقتضى المضاف عمله

أوكان جزء ما له أضيفا... أو مثل جزئه فلا تحيفا

وأما على اعتبار {خُشَّعاً} حالا من واو الجماعة؛ فالجملة الفعلية في محل نصب مفعول:

{يَدْعُ} المحذوف. وقيل: مستأنفة، لا محل لها. وهو ضعيف. {كَأَنَّهُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمه. {جَرادٌ:} خبر: (كأنّ). {مُنْتَشِرٌ:} صفة {جَرادٌ،} والجملة الاسمية في محل نصب حال من واو الجماعة، فهي حال متداخلة.

{مُهْطِعِينَ إِلَى الدّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨)}

الشرح: {مُهْطِعِينَ إِلَى الدّاعِ:} مسرعين إلى الداعي، وهو إسرافيل عليه السّلام، قال الشاعر: [الوافر] بدجلة دارهم ولقد أراهم... بدجلة مهطعين إلى السّماع

قال تعالى في سورة (إبراهيم) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام: {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ} الاية رقم [٤٣] فعلى هذا المعنى: أن الغالب من حال من بقي بصره شاخصا من شدة الخوف أن يبقى واقفا باهتا. فبين الله في الايتين: أن أحوال أهل الموقف يوم القيامة بخلاف الحال المعتادة، فأخبر الله-سبحانه وتعالى-: أنهم مع شخوص الأبصار يكونون مهطعين نحو الداعي. {يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ} يعني: يوم القيامة؛ لما ينالهم فيه من الشدة، فهو كقوله

<<  <  ج: ص:  >  >>