وقال أبو عبيدة: لم نجد الهوى يوضع إلا موضع الشر؛ لأنه لا يقال: فلان يهوى الخير، بل يقال: فلان يحب الخير، وجمعه أهواء، وجمع الممدود: أهوية.
هذا وقد رأيت تفسير {طَرْفُهُمْ} بالأبصار؛ أي: العيون، وقد يراد بالطّرف الجفن خاصة، كما في قول عمر بن أبي ربيعة المخزومي:[الطويل]
أشارت بطرف العين خيفة أهلها... إشارة محزون ولم تتكلّم
فأيقنت أنّ الطرف قد قال: مرحبا... وأهلا وسهلا بالحبيب المتيّم
ويقال: ما طبق طرفه-أي: جفنه-على الآخر. هذا؛ والطّرف بالمعنى السابق لا يثنى، ولا يجمع، كما ستجده إن شاء الله في سورة (الصافات)، وص، والشورى، وسورة (الرحمن)، وهو هنا بفتح الطاء، وسكون الراء، وهو بفتحهما: حرف الشيء، ومنتهاه، وجمعه: أطراف، كما رأيت في الآية رقم [١١٤] من سورة (هود) عليه السّلام، وهو بكسر الطاء، وسكون الراء:
الكريم من الخيل، وقد يراد به أيضا: الكريم الطرفين؛ أي: الأب والأم، ويجمع على أطراف أيضا. هذا؛ وانظر الآية رقم [٤٩] من سورة (الكهف).
الإعراب:{مُهْطِعِينَ:} حال من المضاف إليه المحذوف؛ إذ التقدير: تشخص فيه أبصارهم. وقيل: التقدير: أصحاب الأبصار والأول: أولى. {مُقْنِعِي:} حال ثانية منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، وحذفت النون للإضافة، وهو مضاف، و {رُؤُسِهِمْ} مضاف إليه، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله ضمير مستتر فيه، والهاء في محل جر بالإضافة. {لا:} نافية. {يَرْتَدُّ:} مضارع. {إِلَيْهِمْ:} متعلقان بما قبلهما.
{طَرْفُهُمْ:} فاعل، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية في محل نصب حال من الضمير المستتر في {مُقْنِعِي} فهي حال متداخلة، وجوز اعتبارها بدلا منه، كما جوز اعتبارها مستأنفة، والجملة الاسمية: {(أَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ)} مستأنفة، وأجيز اعتبارها حالا من الضمير المجرور محلا بالإضافة، والعامل {يَرْتَدُّ} والرابط: الواو، والضمير. هذا؛ وأفرد هواء مع أنه خبر عن جمع؛ لأنه بمعنى: فارغة كما رأيت، فأفرد كما يجوز إفراد فارغة؛ لأن تاء التأنيث تدل على تأنيث الجمع الذي في أفئدتهم، ومثله؛ أحوال صعبة، وأحوال فاسدة، ونحو ذلك.
الشرح:{وَأَنْذِرِ النّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ} أي: خوف يا محمد أهل مكة يوم القيامة، وما فيه من أهوال وشدائد، ومتاعب ومصاعب، أو يوم الموت، فإنه أول أيام عذابهم، وأول منازل