للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نصبغ صبغتكم. وجيء بلفظ الصبغة للمشاكلة، كقولك لمن يغرس الأشجار: اغرس كما يغرس فلان، تريد رجلا يصطنع الكرام. انتهى نسفي. {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً} أي: لا أحد أحسن من الله صبغة، أي: دينا. وقيل: تطهيرا؛ لأنّه يطهر من أوساخ الكفر. {وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ} مطيعون، ولا نعصيه. هذا؛ وقال بعض شعراء ملوك همدان: [المتقارب]

وكلّ أناس لهم صبغة... وصبغة همدان خير الصّبغ

صبغنا على ذاك أبناءنا... فأكرم بصبغتنا في الصّبغ

الإعراب: {صِبْغَةَ:} مفعول مطلق، وقال أبو البقاء: انتصابه بفعل محذوف، أي: اتبعوا دين الله، وقيل: هو منصوب على الإغراء، أي: الزموا صبغة الله، وقيل: هو بدل من {مِلَّةِ إِبْراهِيمَ،} وقال النسفي: هو مصدر مؤكد، عن قوله: {آمَنّا بِاللهِ،} وهذا يعني: أنه مفعول مطلق، عامله: {آمَنّا،} وانظر الكلام في الشرح، والكلام اللاحق، و {صِبْغَةَ:} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله. {وَمَنْ:} الواو: واو الاعتراض. ({مَنْ}):

اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {أَحْسَنُ:} خبره، {مِنَ اللهِ:} متعلقان ب‍ {أَحْسَنُ}. {صِبْغَةَ:} تمييز، والجملة: {وَمَنْ أَحْسَنُ..}. إلخ معترضة لا محل لها.

والجملة الاسمية: {وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ:} معطوفة على قوله تعالى: {آمَنّا بِاللهِ..}. إلخ في الآية رقم [١٣٦].

وهذا العطف يدلّ على أنّ قوله: {صِبْغَةَ اللهِ} داخل في مفعول: {قُولُوا آمَنّا بِاللهِ} أي:

قولوا: هذا، وهذا. {وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ} وهذا يرد قول من قال: إنّ {صِبْغَةَ اللهِ} بدل من: {مِلَّةِ إِبْراهِيمَ} أو نصب على الإغراء بمعنى: عليكم صبغة الله، لما فيه من فك النظم، وإخراج الكلام عن التئامه، وانتصابها على أنّها مصدر مؤكد هو الذي ذكره سيبويه، والقول ما قالت حذام.

انتهى. نسفي. وهو من الكشاف للزّمخشري. وقال الجمل: وقوله: {صِبْغَةَ اللهِ} معترض بين المعطوف، والمعطوف عليه. انتهى نقلا من أبي السعود. وهذا مبني على أنّ التقدير: صبغنا الله صبغة. وما ذكره النسفي أولى بالاعتبار.

{قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللهِ وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (١٣٩)}

الشرح: {قُلْ:} خطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وتعليم له في مخاطبة اليهود الذين قالوا للمسلمين:

نحن أهل الكتاب الأول، وقبلتنا أقدم من قبلتكم، ولم تكن الأنبياء من العرب، ولو كان محمد نبيّا؛ لكان منّا. {أَتُحَاجُّونَنا:} أتخاصموننا في شأن الله: أنه بعث نبيّا من العرب؟. {وَهُوَ رَبُّنا}

<<  <  ج: ص:  >  >>