للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧٠)}

الشرح: {النَّبِيُّ}: انظر الآية رقم [١]. {لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى} أي: من وقع أسيرا في قبضة أيديكم يوم بدر، هذا؛ وانظر شرح {يَدَهُ} في الآية رقم [١٠٨] الأعراف.

و {الْأَسْرى} في الآية رقم [٦٧]. {إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً}: إيمانا وإخلاصا. {يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمّا أُخِذَ مِنْكُمْ}: يخلف عليكم أفضل وأعظم من الفداء الذي أخذه الرسول صلّى الله عليه وسلّم منكم.

{وَيَغْفِرْ لَكُمْ} أي: ما سلف منكم قبل الإيمان. {وَاللهُ غَفُورٌ}: لمن آمن وتاب من كفره، ومعاصيه. {رَحِيمٌ}: بأهل طاعته، وهما اسما مبالغة من غفر ورحم، هذا؛ وانظر {خَيْراً} في الآية رقم [١٢] الأعراف فإنه جيد.

تنبيه: نزلت الآية الكريمة في العباس عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان أحد العشرة الذين ضمنوا أن يطعموا الناس الذين خرجوا من مكة إلى بدر، وكان قد خرج؛ ومعه عشرون أوقية من ذهب، ليطعم بها إذا جاءت نوبته، فكانت نوبته يوم الوقعة ببدر، فأراد أن يطعم ذلك اليوم، فاقتتلوا، لم يطعم شيئا، وبقيت العشرون أوقية معه، فلما أسر أخذت منه، فكلم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يجعل العشرين أوقية من فدائه، فأبى، وقال: «أما شيء خرجت به لتستعين به على حربنا، فلا أتركه لك!». وكلفه فداء ابني أخيه عقيل بن أبي طالب، ونوفل بن الحارث، فقال: يا محمد! تتركني أتكفف قريشا، ما بقيت، فقال له الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «فأين الذهب الذي دفعته إلى أم الفضل وقت خروجك من مكة؟ وقلت لها: إني لا أدري ما يصيبني في وجهي هذا، فإن حدث بي حدث، فهذا لك، ولعبد الله، ولعبيد الله، وللفضل، وقثم-يعني بنيه-». فقال العباس: وما يدريك يا ابن أخي؟ قال: «أخبرني به ربي». قال العباس-رضي الله عنه-أشهد أنك لصادق، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأنك عبده ورسوله! لم يطلع عليه أحد إلا الله، وأمر ابني أخيه عقيلا ونوفلا فأسلما، ثم بعد ذلك قال العباس-رضي الله عنه: فأبدلني الله خيرا مما أخذ مني عشرين عبدا، كلهم تاجر يضرب بمال كثير، أدناهم يضرب بعشرين ألف درهم مكان العشرين أوقية، وأعطاني زمزم، وما أحب أن لي بها جميع أموال أهل مكة، وأنا أنتظر المغفرة من ربي عز وجل. انتهى. خازن.

هذا؛ والآية تشير إلى: أن العباس رضي الله عنه كان مسلما، وهو المعتمد، وأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان قد أمره بالبقاء في مكة، عينا له، فكان يخبره بما يتآمر به أهل مكة ضد الإسلام والمسلمين، فبقي في مكة حتى قبيل فتحها.

الإعراب: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ}: انظر إعراب هذه الجملة في الآية رقم [٦٤]. {قُلْ}: أمر، وفاعله ضمير مستتر تقديره: «أنت». {لِمَنْ}: جار ومجرور متعلقان بما قبلها. {فِي أَيْدِيكُمْ}: جار

<<  <  ج: ص:  >  >>