للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيهما، وهو الترس الذي كان يتخذ للوقاية من ضربات السيوف، والرماح. هذا؛ ورجل مأخوذ من الرجولة، وهي البطولة، والشجاعة، والشهامة، والحمية، وغير ذلك.

{فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتّى حِينٍ} أي: فانتظروا، واصبروا عليه إلى زمان حتى ينجلي أمره، فإن أفاق من جنونه، وإلا قتلتموه. هذا؛ والحين: الوقت قليلا كان أو كثيرا، والمدة من الزمن قصيرة كانت أو طويلة، وجمعه أحيان، وجمع الجمع: أحايين. هذا؛ والحين بفتح الحاء: الهلاك، والموت.

{قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ:} طلب هذا من الله تعالى لمّا أيس من إيمانهم بعد أن دعاهم إلى الله، وعبادته ألف سنة إلا خمسين عاما. والمعنى: أهلكهم بسبب تكذيبهم إياي؛ إذ في نصرتي إهلاكهم، أو المعنى: أبدلني من غم تكذيبهم سلوة النصر عليهم، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {إِنْ:} حرف نفي بمعنى «ما». {هُوَ:} مبتدأ. {إِلاّ:} حرف حصر. {رَجُلٌ:}

خبر المبتدأ، والجملة الاسمية من قول الملأ أيضا. و {بِهِ:} متعلقان بمحذوف خبر مقدم.

{جِنَّةٌ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية في محل رفع صفة {رَجُلٌ}. {فَتَرَبَّصُوا:} الفاء: هي الفصيحة، وهي حرف عطف عند من يجيز عطف الإنشاء على الخير، وابن هشام يعتبرها في مثل ذلك للسببيّة المحضة. (تربصوا): أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب شرط غير جازم، التقدير: وإذا كان الجنون واقعا به؛ فتربصوا، وانتظروا... إلخ، والكلام كله من مقول الملأ. {بِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما.

{حَتّى حِينٍ:} متعلقان به أيضا. {قالَ:} ماض، والفاعل يعود إلى (نوح). {رَبِّ:} منادى حذف منه أداة النداء، وهو مثل: {يا قَوْمِ} في إعرابه في الآية السابقة. {اُنْصُرْنِي:} فعل دعاء، والفاعل تقديره: «أنت»، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به. {بِما:} الباء: حرف جر.

(ما): مصدرية. {كَذَّبُونِ:} ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والنون للوقاية، وياء المتكلم المحذوفة مفعول به، و (ما) والفعل في تأويل مصدر في محل جر بالباء، التقدير: بسبب تكذيبهم إياي، والجار، والمجرور متعلقان بما قبلهما، واعتبار (ما) موصولة، أو موصوفة ضعيف معنى، والكلام: {رَبِّ..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. تأمل، وتدبر وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اِصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا فَإِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٢٧)}

الشرح: {فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ} أي: إلى نوح، عليه السّلام. وهذا بعد أن قال له في سورة (هود) عليه السّلام: {لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاّ مَنْ قَدْ آمَنَ}. هذا؛ وأصل الوحي: الإشارة

<<  <  ج: ص:  >  >>