الإعراب:{قالَتْ:} ماض، والتاء للتأنيث، والفاعل يعود إلى مريم عليها السّلام. {أَنّى يَكُونُ لِي غُلامٌ} انظر الآية رقم [٧] ففيها الكفاية. {وَلَمْ:} الواو: واو الحال. (لم): حرف جازم. {يَمْسَسْنِي:} مضارع مجزوم ب: (لم)، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به.
{بَشَرٌ:} فاعله، والجملة الفعلية في محل نصب حال من ياء المتكلم، والرابط: الواو، والضمير. {وَلَمْ:} الواو: حرف عطف. (لم): حرف جازم. {أَكُ:} مضارع ناقص مجزوم ب: (لم)، وعلامة جزمه سكون النون المحذوفة، واسمه مستتر تقديره:«أنا». {بَغِيًّا:} خبره، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب حال مثلها، والكلام:{أَنّى..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة:{قالَتْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.
الشرح:{قالَ كَذلِكِ} أي: الأمر حاصل، وواقع مثل ذلك. {قالَ رَبُّكِ هُوَ} أي: خلق الولد من غير أب. {هَيِّنٌ:} غير صعب. {وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنّاسِ} أي: علامة على كمال قدرتنا على أنواع الخلق، فإنه تعالى خلق آدم من غير ذكر وأنثى، وخلق حواء من ذكر بلا أنثى، وخلق عيسى من أنثى بلا ذكر، وخلق بقية الخلق من ذكر وأنثى. انتهى. جمل. {وَرَحْمَةً مِنّا} أي: لمن تبعه على دينه الصحيح إلى بعثة محمد صلّى الله عليه وسلّم، ولكن كان خلقه نقمة وضلالا لأكثر الخلق، كما هو معروف ومشاهد، ولا تمتلئ جهنم بجميع دركاتها إلا ممن كذبه، أو أخطأ طريق الهدى والإيمان بسبب خلقه بدون أب. {وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا} حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. هذا؛ وقدم الجار والمجرور:{عَلَيَّ} على {هَيِّنٌ} هنا وأخّره عن {أَهْوَنُ} في الآية رقم [٢٧] من سورة (الروم) لقصد الاختصاص هنا بخلافه هناك، فلا معنى للاختصاص، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
هذا؛ وأصل {مَقْضِيًّا} مقضويا بزنة مفعول، اجتمعت الواو، والياء، وسبقت، إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء على القاعدة، وأدغمت في الياء وكسرت الضاد لتصح الياء، وأصل بغيا بغويا فعل به مثل ما فعل ب:{مَقْضِيًّا} وكسرت الغين أيضا لمناسبة الياء، فلما كان بزنة فعول لم تلحقه التاء. هذا؛ وقد قال مكي: فلما أتى (بغي) بغيرها علم أنه فعول، وليس بفعيل، وهو قول المبرد. وقال ابن جني: هي فعيل، ولو كانت فعولا لقيل: بغوّ، كما قيل: فلان نهوّ عن المنكر. وقال ابن مالك رحمه الله تعالى في ألفيته:[الرجز]
ولا تلي فارقة فعولا... أصلا، ولا المفعال والمفعيلا