للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خطاب لا محل له. {نَجْزِي}: مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل، مستتر تقديره: «نحن». {الظّالِمِينَ}: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة... إلخ، والآية بكاملها في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالُوا..}. إلخ مستأنفة لا محل لها.

{فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اِسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (٧٦)}

الشرح: {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ} أي: بدأ المؤذن يفتش رحالهم، وأمتعتهم، وقيل: بدأ يوسف؛ لأنهم ردوا إلى المدينة، وإنما بدأ برحالهم لنفي التهمة، ودفع الشبهة من قلوبهم إن بدأ بوعاء أخيه. ثم استخرجها من وعاء أخيه: أي: أخرج السقاية، أو الصواع عند من يؤنثه، قال قتادة -رحمه الله تعالى-: ذكر لنا أنه كان لا يفتح متاعا، ولا ينظر وعاء إلا استغفر تأثما مما قذفهم به، حتى لم يبق إلا رحل بنيامين. قال: ما أظن أن هذا أخذ شيئا، قال إخوته: والله لا نتركك حتى تنظر في رحله، فإنه أطيب لنفسك وأنفسنا، فلما فتحوا متاعه وجدوا الصواع فيه، هذا؛ ويقرأ {وِعاءِ} بكسر الواو وضمها، وقلب الواو همزة، ومثله: وشاح ووسادة، فلما رأى إخوة (بنيامين) الصواع يخرج من رحله نكسوا رءوسهم، وظنوا الظنون كلها، وأقبلوا عليه، وقالوا: ويلك يا بنيامين، ما رأينا كاليوم قط، ولدت أمك راحيل أخوين لصين، فقال لهم: والله ما سرقته، ولا علم لي بمن وضعه في متاعي.

{كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ} أي: ومثل ذلك الحكم الذي ذكره إخوة يوسف حكمنا به ليوسف، ولفظ الكيد مستعار للحيلة والخديعة، وهذا في حق الله عز وجل محال، فيجب تأويل هذه اللفظة بما يليق بجلال الله سبحانه وتعالى، فنقول: الكيد هنا جزاء الكيد، يعني: كما فعلوا بيوسف في الابتداء فعلنا بهم، فالكيد من الخلق: الحيلة، ومن الله: التدبير بالحق، والمعنى كما ألهمنا إخوة يوسف بأن حكموا أن جزاء السارق أن يسترق؛ كذلك ألهمنا يوسف حتى دس الصواع في رحل أخيه ليضمه إليه على ما حكم به إخوته. انتهى. خازن. وإن اعتبرته من باب المشاكلة؛ فقد اتضح الأمر وزال الخفاء.

وقال القرطبي: معناه: صنعنا، وهو منقول عن ابن عباس-رضي الله عنهما-، وعن القتبي:

معناه دبرنا، وقال ابن الأنباري: معناه أردنا، قال الشاعر: [الكامل]

كادت، وكدت، وتلك خير إرادة... لو عاد من عهد الصّبابة ما مضى

<<  <  ج: ص:  >  >>