للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترابط فعل الشرط بجوابه. (ما): مصدرية توقيتية. {عاهَدُوا:} فعل ماض، وفاعله، والألف للتفريق. {عَهْداً:} مفعول به ثان، والمفعول الأول محذوف؛ إذ التقدير: عاهدوا الله عهدا، و (ما) والفعل: {عاهَدُوا} في تأويل مصدر في محل جر بإضافة: (كلّ) إليه، التقدير: كلّ وقت عهد، وهذا التقدير، وهذه الإضافة هما اللّذان سببا الظّرفية ل‍ (كل). انظر مبحث: «كلّما» في كتابنا: «فتح القريب المجيب». وقيل: (ما) نكرة موصوفة، والجملة الفعلية بعدها صفة لها، وهي بمعنى (وقت) أيضا، والمدرّسون يقولون: أداة شرط غير جازمة، ولا يعرفون هذا الإعراب، والتّفصيل. {نَبَذَهُ فَرِيقٌ:} ماض، ومفعوله، وفاعله، والجملة الفعلية جواب ({كُلَّما}) لا محل لها، {مِنْهُمْ} متعلقان ب‍ {فَرِيقٌ} أو بمحذوف صفة له.

{بَلْ:} حرف إضراب انتقالي. {أَكْثَرُهُمْ:} مبتدأ، والهاء في محل جرّ بالإضافة.

{لا:} نافية. {يُؤْمِنُونَ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله، والجملة الفعلية مع المتعلّق المحذوف في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية معطوفة على {فَرِيقٌ} عطف مفرد على مفرد، وجملة: {لا يُؤْمِنُونَ} في محل نصب حال من: {أَكْثَرُهُمْ} والرابط:

الضمير فقط، وقال ابن عطية: في محل نصب حال من الضمير في: {أَكْثَرُهُمْ} انتهى جمل.

و ({كُلَّما}) ومدخولها معطوف على الجملة الواقعة جوابا للقسم في الآية السابقة أو هو مستأنف لا محلّ له.

{وَلَمّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ (١٠١)}

الشرح: {وَلَمّا جاءَهُمْ} أي: اليهود {رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ:} هو محمّد صلّى الله عليه وسلّم جاء مصدقا للتّوراة، وموافقا لها في أصول الدّين، ومقرّرا لنبوّة موسى، وهارون، عليهما السّلام. {نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللهِ} أي: طرح اليهود التوراة، وأعرضوا عنها، وعن العمل فيها؛ لأنها تدلّ على نبوّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم، فجحدوا نبوّته، وأنكروا رسالته. قيل:

إنّهم أدرجوها في الحرير، وحلوها بالذّهب، ولم يعملوا بما فيها، وكذلك المسلمون في هذه الأيام يتنافسون في تزويق المصحف، وتزيينه، والعمل بما فيه قليل، ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم! {كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ} أنّهم نبذوا كتاب الله، ورفضوه عن علم به، ومعرفة، وإنّما حملهم على ذلك عداوة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وحسدهم له، وحقدهم عليه، فشبّهوا بمن لا يعلم؛ إذ فعلوا فعل الجاهل.

هذا؛ و ({الْكِتابَ}) في اللغة: الضمّ، والجمع، وسمّيت الجماعة من الجيش: كتيبة؛ لاجتماع أفرادها على رأي واحد، وخطّة واحدة، كما سمي الكاتب: كاتبا؛ لأنه يضمّ الكلام بعضه إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>