للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكافرين، ودحرهم، وقد حقق الله وعده، ونصر المسلمين على الكافرين في غزوة بدر الكبرى؛ لذا يروى: أن عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-أخذ يقرأ في أدبار المنهزمين يوم بدر من المشركين: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} فيا لها من بشارة، ويا لها من تسلية للنبي صلّى الله عليه وسلّم!

هذا؛ وأفرد {مَهْزُومٌ} تبعا للفظ {جُنْدٌ} ولو كان على المعنى لجمعه، وقال: جند مهزومون. انظر الآية رقم [١٧٣] من سورة (الصافات) ففيها فضل بيان. هذا؛ والأحزاب، جمع: حزب، وهو في اللغة: أصحاب الرجل؛ الذين يكونون معه على مثل رأيه، وهم القوم الذين يجتمعون لأمر حزبهم (يعني: أهمهم) وكل قوم تشاكلت قلوبهم، وأعمالهم أحزاب، وإن لم يلق بعضهم بعضا، وحزب الشيطان: هم المتبعون وساوسه، وزخارفه، ودعوته إلى الشر، والفساد. وحزب الله: هم المتبعون أوامره، المنتهون عن مناهيه. قال تعالى في سورة (المؤمنون) رقم [٥٣] وفي سورة (الروم) رقم [٣٢]: {كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}.

الإعراب: في إعراب هذه الآية أوجه، واختلافات كثيرة، وها أنذا أنقل لك من الجمل ما نقله عن السمين، فقال-رحمه الله تعالى-: {جُنْدٌ:} يجوز فيه وجهان: أحدهما وهو الظاهر: أنه خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هم جند. والثاني: أنه مبتدأ، خبره ما بعده، و {ما:} فيها وجهان: أحدهما: أنها مزيدة. والثاني: أنها صفة ل‍: {جُنْدٌ} على سبيل التعظيم للهزء بهم، أو للتحقير، فإن «ما» إذا كانت صفة، تستعمل لهذين المعنيين. {هُنالِكَ:} يجوز فيه ثلاثة أوجه:

أحدها أن يكون خبرا ل‍: {جُنْدٌ،} و {ما:} مزيدة، و {مَهْزُومٌ:} نعت ل‍: {جُنْدٌ} ذكره مكي.

الثاني: أن تكون صفة ل‍: {جُنْدٌ}. الثالث: أن يكون منصوبا ب‍: {مَهْزُومٌ}. و {مَهْزُومٌ} يجوز فيه وجهان أيضا: أحدهما أنه خبر ثان لذلك المبتدأ المقدر. والثاني: أنه صفة ل‍: {جُنْدٌ،} إلا أن الأحسن على هذا الوجه ألا يجعل: {هُنالِكَ} صفة بل متعلقا به؛ لئلا يلزم تقدم الوصف غير الصريح على الوصف الصريح. انتهى. بتصرف.

هذا؛ ولم يوضح إعراب: {هُنالِكَ} وأنا أوضحه، فخذه، وبالله التوفيق: (هنا): اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب على الظرفية المكانية متعلق بمحذوف على جميع الوجوه المعتبرة فيه، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، لا محل له. والجملة الاسمية:

{جُنْدٌ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ (١٢) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أُولئِكَ الْأَحْزابُ (١٣) إِنْ كُلٌّ إِلاّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ (١٤)}

الشرح: ذكر الله هؤلاء الأقوام، الذين كذبوا رسلهم، فأهلكهم الله تعزية للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وتسلية له، والمعنى: إن قومك يا محمد جند من هؤلاء الأحزاب المتقدمين؛ الذين تحزبوا على

<<  <  ج: ص:  >  >>