للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما العصاة من المسلمين، فلا يجوز لعن أحد منهم على التعيين قطعا، وأما على الإطلاق، فيجوز، كما في قولك: لعن الله الفاسقين والفاسقات، والفاسدين والفاسدات... إلخ لما روي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لعن الله السارق يسرق البيضة والحبل، فتقطع يده». ولعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

«الواشمة والمستوشمة، وآكل الرّبا، ولعن من غيّر منار الأرض، ومن انتسب إلى غير أبيه، ومن عمل عمل قوم لوط، ومن أتى امرأة في دبرها، وغير ذلك». وكل هذا في الصحيح.

الإعراب: {وَالَّذِينَ}: (الذين): اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {يَنْقُضُونَ}:

مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله. {عَهْدَ}:

مفعول به، وهو مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف، التقدير: عهدهم الله، أي: معاهدتهم الله، {مِنْ بَعْدِ}: متعلقان بالفعل قبلهما، وقيل: {مِنْ} زائدة، وليس بشيء، وقيل: متعلقان بمحذوف حال ولا وجه له، و {بَعْدِ}: مضاف، و {مِيثاقِهِ}:

مضاف إليه، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لمفعوله على اعتباره عائدا على العهد، وفاعله مستتر فيه، أو من إضافة المصدر لفاعله على اعتباره عائدا إلى اسم الله تعالى، وجملة: {يَنْقُضُونَ} صلة الموصول لا محل لها، وجملة: {وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} معطوفة عليها لا محل لها مثلها، وانظر إعراب مثلها في الآية رقم [٢٣]، وجملة: {وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} معطوفة عليها أيضا لا محل لها {أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ} إعراب هذه الجملة مثل إعراب: {أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ} في الآية رقم [٢٠] بلا فارق بينهما، والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ..}. إلخ معطوفة على الجملة الاسمية: {الَّذِينَ يُوفُونَ} .. {أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدّارِ} لا محل لها، وهذا على اعتبار (الذين) الأول مبتدأ كما رأيت هناك، ومستأنفة على اعتباره تابعا لأولي الألباب. {وَلَهُمْ}: الواو: حرف عطف. {لَهُمُ}: متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {سُوءُ}: مبتدأ مؤخر، وهو مضاف، و {الدّارِ}: مضاف إليه من إضافة الصفة للموصوف، والجملة الاسمية هذه معطوفة على الجملة الاسمية: {لَهُمُ اللَّعْنَةُ} فهي في محل رفع مثلها.

{اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاّ مَتاعٌ (٢٦)}

الشرح: {اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ}: لما بيّن الله عاقبة المؤمنين المتصفين بالصفات النبيلة الثمانية، وعاقبة المشركين، الناقضين للعهد والميثاق، القاطعين ما أمر الله به أن يوصل، المفسدين في الأرض؛ بيّن في هذه الآية أنه تعالى يوسع في الرزق على من يشاء، ويضيق على من يشاء في هذه الدنيا؛ لأنها دار امتحان واختبار، فبسط الرزق على الكافر لا يدل على كرامته، بل قد يكون استدراجا له، والتقتير على بعض المؤمنين لا يدل على إهانتهم، بل ربما

<<  <  ج: ص:  >  >>