ومنه قيل في قوله تعالى في الآية رقم [٦٢] من سورة (طه)، وفي الآية رقم [٣] من سورة (الأنبياء): {وَأَسَرُّوا النَّجْوى:} إنّ أسروا يحتمل أن يكون بمعنى: أظهروا، وأن يكون بمعنى:
أخفوا، فهو من الأضداد. وأيضا قوله تعالى في الآية رقم [٥٤] من سورة (يونس) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام:{وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمّا رَأَوُا الْعَذابَ}. كما قيل به في قول امرئ القيس، وهو الشاهد رقم [٤٧٢] من كتابنا فتح القريب المجيب: [الطويل]
تجاوزت أحراسا عليها ومعشرا... عليّ حراصا لو يسرّون مقتلي
الإعراب:{فَأَنْجَيْناهُ:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها، أو هي معطوفة على محذوف، يتطلبه المقام. {وَأَهْلَهُ:} الواو: حرف عطف. (أهله): معطوف على الضمير المنصوب، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {إِلاّ:} أداة استثناء.
{اِمْرَأَتَهُ:} مستثنى ب: {إِلاّ} والهاء في محل جر بالإضافة. {قَدَّرْناها:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب حال من {اِمْرَأَتَهُ،} والرابط: الضمير فقط، وهي على تقدير:«قد» قبلها. {مِنَ الْغابِرِينَ:} متعلقان بما قبلهما.
الشرح: قال الزمخشري-رحمه الله تعالى-: أمر الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم بعد ما قص عليه القصص، الدالة على كمال قدرته، وعظيم شأنه أن يتلو هذه الآيات الناطقة بالبراهين على وحدانيته، وحكمته، وأن يستفتح بتحميده، والسّلام على أنبيائه، والمصطفين من عباده. وفيه تعليم حسن، وتوقيف على أدب جميل، وبعث على التّيمّن بالذّكرين، والتبرك بهما، والاستظهار بمكانهما على قبول ما يلقى إلى السامعين، وإصغائهم إليه، ولقد توارث العلماء، والخطباء، والوعاظ كابرا عن كابر هذا الأدب، فحمدوا الله عز وجل، وصلوا على رسوله صلّى الله عليه وسلّم أمام كل علم مفاد، وقبل كل تذكرة، وموعظة، وفي مفتتح كل خطبة، وتبعهم المترسلون، فأجروا عليه أوائل كتبهم في الفتوح، والتهاني، وغير ذلك من الحوادث؛ التي لها شأن. انتهى. بتصرف. هذا؛ وقال الفراء: الخطاب ل: (لوط) والمعتمد الأول؛ لأن القرآن منزل على النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكل ما فيه فهو مخاطب به عليه السّلام، إلا ما لم يصح معناه إلا لغيره.