الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ أي: نبين حجج أدلتنا، ونوضح بيان آياتنا لمن يعلم ذلك، ويفهمه، والعلم هنا بمعنى المعرفة، انظر الآية رقم [٦١] الأنفال. هذا؛ وخصّ الله الذين يعلمون بالذكر لأنهم هم الذين ينتفعون بالبيان والتوضيح، وانظر (نا) في الآية رقم [٧](الأعراف).
تنبيه: قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: حرمت هذه الآية دماء أهل القبلة، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: أمرتم بالصلاة، والزكاة، فمن لم يزك؛ فلا صلاة له، وقال ابن زيد: افترضت الصلاة والزكاة جميعا لم يفرق الله بينهما، وأبى أن يقبل الصلاة، إلا بالزكاة، وقال: يرحم الله أبا بكر ما كان أفقهه، يعني بذلك ما ذكره أبو بكر رضي الله عنه في حق من منع الزكاة، وهو قوله:
«والله لا أفرق بين شيئين جمع الله بينهما» يعني: الصلاة والزكاة. انتهى. خازن.
ومن القرطبي: وفي حديث أن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال:«من فرّق بين ثلاث فرّق الله بينه وبين رحمته يوم القيامة: من قال: أطيع الله ولا أطيع الرّسول، والله يقول {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} ومن قال: أقيم الصلاة، ولا أوتي الزكاة، والله تعالى يقول {وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ} ومن فرق بين شكر الله وشكر والديه، والله عز وجل يقول {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ»}. انتهى. وانظر جزاء مانعي الزكاة في الآية رقم [٣٥] و [٣٦] الآتيتين، وانظر شرح الصلاة والزكاة في رقم [٥].
الإعراب:{فَإِنْ}: الفاء: حرف استئناف. إن: حرف شرط جازم. {تابُوا}: ماض مبني على الضم في محل جزم فعل الشرط، والواو فاعله، والألف للتفريق، والمتعلق محذوف، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي، والجملتان بعدها معطوفتان عليها. {فَإِخْوانُكُمْ}: الفاء: واقعة في جواب الشرط. (إخوانكم): خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: فهم إخوانكم، والكاف في محل جر بالإضافة، والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد، وإن ومدخولها كلام مستأنف لا محل له. {وَنُفَصِّلُ}: مضارع، وفاعله مستتر فيه وجوبا تقديره:
«نحن»، {الْآياتِ}: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم. {لِقَوْمٍ}: متعلقان بالفعل قبلهما. {يَعْلَمُونَ}: فعل مضارع وفاعله، ومفعوله محذوف، والجملة الفعلية في محل جر صفة {لِقَوْمٍ،} وجملة: {وَنُفَصِّلُ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها.
الشرح:{وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ} أي: إن نقض الكفار ما بايعوا عليه من الأيمان، والوفاء بالعهود، فالنكث: النقض، وهو في الأصل في كل ما فتل، ثم حل، قال تعالى:{وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً} لذا فقد استعير النقض للأيمان