للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِنِ:} الواو: حرف عطف. ({إِنِ}): حرف شرط جازم. {تُحْسِنُوا:} فعل مضارع فعل الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنّه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنّها ابتدائية، ويقال: لأنّها جملة شرط غير ظرفي. {وَتَتَّقُوا:}

معطوف على ما قبله مجزوم مثله، ومفعولاهما محذوفان. {فَإِنَّ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. ({إِنِ}): حرف مشبه بالفعل. {اللهَ:} اسمها. {كانَ:} فعل ماض ناقص، واسمه يعود إلى: {اللهَ}. {بِما:} جار ومجرور متعلقان ب‍: {خَبِيراً} بعدهما، و (ما) تحتمل الموصولة والموصوفة، والمصدرية. فعلى الأولين مبنية على السكون في محل جر بالباء، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: بالذي، أو بشيء تعملونه، وعلى المصدرية تؤوّل مع الفعل بعدها بمصدر في محل جرّ بالباء، التقدير: بعملكم. {خَبِيراً:} خبر {كانَ،} والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ) والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط.

هذا في الظاهر، وعند التأمّل يظهر لك: أنّ الجواب محذوف، التقدير: وإن تحسنوا، وتتقوا الله؛ فهو يثيبكم على ذلك. أقام كونه عالما بأعمالهم مقام إثابته إيّاهم عليها؛ الذي هو في الحقيقة جواب الشرط إقامة للسّبب مقام المسبّب، وعليه فالجملة الاسمية: (إن الله...) إلخ مفيدة للتعليل، والشرط، ومدخوله معطوف على ما قبله، لا محلّ له مثله.

{وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (١٢٩)}

الشرح: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا..}. إلخ: أخبر الله تعالى بنفي الاستطاعة في العدل بين النساء، وذلك من ميل الطبع في المحبّة، والجماع، والحظّ من القلب، فوصف الله تعالى حالة البشر، وأنّهم بحكم الخلقة لا يملكون ميل قلوبهم إلى بعض دون بعض في حال تعدّدهنّ حتى لا يقع ميل البتة، فتمام العدل أن يسوي بينهنّ في المبيت، والنفقة، والتعهد، والنّظر، والإقبال، والمفاكهة، وغيرهما، والمحبّة، والمودّة، وهذا متعذّر، ولذلك كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يقسم بين نسائه في كلّ شيء، فيعدل، ويقول: «اللهمّ هذا قسمي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما تملك، ولا أملك». أخرجه الإمام أحمد، وأصحاب السنن عن عبد الله بن يزيد عن عائشة-رضي الله عنها-، فهو صلّى الله عليه وسلّم يريد القلب. هذا؛ والتسوية بين الضرائر واجبة في المأكل، والملبس، والمسكن، والبيتوتة، أما في الجماع؛ فلا؛ لأنّ ذلك يدور على النّشاط، وميل القلب، وليس ذلك إليه.

{فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} أي: فإذا ملتم إلى واحدة منهنّ؛ فلا تبالغوا في الميل بالكليّة. {فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ:} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: معناه: لا هي ذات زوج، ولا مطلقة، كالشيء المعلّق لا هو في السّماء، ولا هو في الأرض. وفي الجملة تشبيه مرسل

<<  <  ج: ص:  >  >>