والكاف حرف خطاب لا محل له. {عَلَيْهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم، {لَعْنَةُ:}
مبتدأ مؤخر، وهو مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله، والجملة الاسمية في محل رفع خبر {أُولئِكَ}. هذا؛ وإن اعتبرت الجار والمجرور متعلقين بمحذوف خبر المبتدأ، فيكون {لَعْنَةُ} فاعلا به، التقدير: أولئك مستحق عليهم لعنة، وعلى الوجهين فالجملة الاسمية في محل رفع خبر {إِنَّ} والجملة الاسمية هذه مبتدأة، أو مستأنفة لا محل لها على الاعتبارين. {وَالْمَلائِكَةِ:}
معطوف على لفظ الجلالة مجرور مثله، وقرئ بالرفع بالعطف على محل الجلالة؛ لأنّ محلّه الرفع كما رأيت، وهذا معروف في العربية، ومشهور. {وَالنّاسِ:} معطوف على ({الْمَلائِكَةِ}) جرّا ورفعا.
{أَجْمَعِينَ:} توكيد ل ({النّاسِ}) على الجر، فهو مجرور، وعلامة جره الياء... إلخ وقرئ: («أجمعون») توكيد ل («الناس») على الرّفع، فهو مرفوع، وعلامة رفعه الواو... إلخ. هذا؛ ومن الإتباع على المحل قول زياد العنبري، وهو الشاهد رقم [٨٦٠] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الرجز]
قد كنت داينت بها حسّانا... مخافة الإفلاس واللّيانا
ف «اللّيانا»: معطوف على محل «الإفلاس» المجرور لفظا المنصوب محلاّ؛ لأنه مفعول للمصدر، وهو: «مخافة»، ومنه أيضا قول لبيد بن ربيعة العامري-رضي الله عنه-: [الكامل]
حتّى تهجّر في الرّواح وهاجها... طلب المعقّب حقّه المظلوم
ف «المظلوم» صفة «المعقب» على المحل؛ لأنه فاعل بالمصدر «طلب» وأيضا قول المتنخل الهذلي: [البسيط]
السّالك الثّغرة اليقظان سالكها... مشي الهلوك عليها الخيعل الفضل
ف «الهلوك» فاعل بالمصدر «مشي» وهو مجرور لفظا، مرفوع محلاّ، و «الخيعل» و «الفضل» صفتان له على المحل.
{خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (١٦٢)}
الشرح: {خالِدِينَ فِيها:} الخلود: الدوام، والمراد: عدم الخروج أبدا. {فِيها:} أي: في اللعنة المذكورة، أو النار المدلول عليها باللّعنة، والإضمار قبل الذكر تفخيما لشأنها، وتهويلا، أو اكتفاء بدلالة اللّعنة عنها، وكثيرا ما وقع في القرآن: {خالِدِينَ فِيها} وهو عائد على النّار {يُنْظَرُونَ:} يمهلون. أو لا ينظر إليهم نظر رحمة، قال تعالى في سورة (الزخرف): {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ (٧٤) لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ}.
هذا؛ وقال الإمام الفخر الرازي-رحمه الله تعالى-: قال قوم: إنّ عذاب الله للكافرين منقطع، وله نهاية، واستدلّوا بقوله تعالى: {لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً} وبأن معصية الظالم متناهية،