{مِنْ شَيْءٍ..}. إلى {... وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ}. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: شتم رجل من المشركين أبا بكر، فلم يرد عليه شيئا. فنزلت الآية. وأنشد بعضهم: [الكامل]
إني عفوت لظالمي ظلمي... ووهبت ذاك له على علمي
ما زال يظلمني وأرحمه... حتى بكيت له من الظّلم
فعن معاذ بن أنس-رضي الله عنه-أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من كظم غيظا، وهو قادر على أن ينفّذه؛ دعاه الله سبحانه على رؤوس الخلائق؛ حتّى يخيّره من الحور العين ما شاء». رواه أبو داود والترمذي. وفي رواية لأحمد وأبي داود: «من كظم غيظا، وهو يقدر على إنفاذه؛ ملأ الله قلبه أمنا، وإيمانا». وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ليس الشّديد بالصّرعة، إنّما الشديد الّذي يملك نفسه عند الغضب». رواه البخاري، ومسلم، وغيرهما.
الإعراب: {وَالَّذِينَ:} الواو: حرف عطف. (الذين): اسم موصول مبني على الفتح في محل جر معطوف على ما قبله. وتوهم أبو البقاء: أنّ التلاوة بغير واو. {يَجْتَنِبُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها.
{كَبائِرَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {الْإِثْمِ} مضاف إليه. {وَالْفَواحِشَ:} معطوف على ما قبله.
{وَإِذا:} الواو: حرف عطف، (إذا): ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه، منصوب بجوابه، صالح لغير ذلك، مبني على السكون في محل نصب. {ما:} صلة. {غَضِبُوا:} ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة: (إذا) إليها. {هُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. وجملة: {يَغْفِرُونَ} في محل رفع خبره، والجملة الاسمية جواب (إذا) لا محلّ لها، و (إذا) ومدخولها كلام معطوف على جملة الصلة، لا محلّ له مثلها، ويكون قد حذف الفاء من جواب: (إذا) والواجب اقترانه بها في مثل ذلك، انتهى. أبو البقاء. ولم يرتضه الجمل، بل قال: (إذا) هذه منصوبة ب:
{يَغْفِرُونَ،} و {يَغْفِرُونَ} خبر ل: {هُمْ} والجملة بأسرها عطف على الصلة، وهي: {يَجْتَنِبُونَ} فيكون قد عطف جملة اسمية على فعلية. ويجوز أن يكون {هُمْ} توكيدا للفاعل في قوله:
{غَضِبُوا،} وعلى هذا ف: {يَغْفِرُونَ} جواب الشرط. وقيل: {هُمْ} مرفوع بفعل مقدر يفسره:
{يَغْفِرُونَ} بعده، ولما حذف الفعل؛ انفصل الضمير.
{وَالَّذِينَ اِسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٨)}
الشرح: {وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ:} قال عبد الرحمن بن زيد: هم الأنصار بالمدينة استجابوا إلى الإيمان بالله، ورسوله حين أنفذ إليهم اثني عشر نقيبا منهم قبل الهجرة. {وَأَقامُوا الصَّلاةَ:}