للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {وَقُلْ:} الواو: حرف عطف. (قل): أمر، وفاعله: أنت. {رَبِّ:} منادى حذف منه أداة النداء منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة للتخفيف، وفيه أوجه، انظرها بإعراب {يا قَوْمِ} في الآية رقم [٢٣]. {أَعُوذُ:} مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «أنا». {بِكَ:} متعلقان بما قبلهما. {مِنْ هَمَزاتِ:} متعلقان بما قبلهما، ويجوز تعليقهما وتعليق ما قبلهما بمحذوف حال، التقدير: أعوذ مستجيرا بك من همزات، و {هَمَزاتِ} مضاف، و {الشَّياطِينِ} مضاف إليه، والجملة الندائية والجملة الفعلية كلتاهما في محل نصب مقول القول، و {وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ} الإعراب مثل ما قبلهما، والجملتان معطوفتان على ما قبلهما، فهما في محل نصب مقول القول أيضا. {أَنْ:} حرف مصدري ونصب. {يَحْضُرُونِ:} مضارع منصوب ب‍: {أَنْ} وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والنون للوقاية، وياء المتكلم المحذوفة مفعول به، و {أَنْ} والمضارع في تأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير من حضورهم، والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما.

{حَتّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ اِرْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلاّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٠٠)}

الشرح: {حَتّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ:} هذا الكلام متعلق بالفعل {يَصِفُونَ} في الآية رقم [٩١] والمعنى: لا يزالون مصرين على الشرك إلى وقت مجيء الموت، أو لا يزالون مستمرين على سوء الذكر، إلى هذا الوقت، وما بينهما مذكور على وجه الاعتراض، والتأكيد للإغضاء عنهم، مستعينا بالله على الشيطان أن يستزله عن الحلم، ويغريه على الانتصار منهم.

{قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ:} قال أبو البقاء: فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه جمع على التعظيم، كما قال تعالى: {إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظُونَ}. وكقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا}. والثاني: أنه أراد: يا ملائكة ربّي ارجعون. والثالث: أنه دل بلفظ الجمع على تكرير القول، فكأنه قال: ربّ ارجعني، ربّ ارجعني، ربّ ارجعني انتهى. بتصرف. ومعنى التكرير قيل به في قوله تعالى في سورة (ق): {أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفّارٍ عَنِيدٍ،} وبقول امرئ القيس: [الطويل]

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل... بسقط اللّوى بين الدّخول فحومل

ومثله كثير في الشعر العربي. هذا؛ وسؤال الرجعة إلى الدنيا ليس مختصا بالكافر، فقد يسألها المؤمن كما في قوله تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصّالِحِينَ} الآية رقم [١٠] من سورة (المنافقون). بل إن الندامة بعد الموت تعم الصالح والطالح، والمؤمن، والكافر. المؤمن الصالح يندم على عدم

<<  <  ج: ص:  >  >>