للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذّاكِرِينَ (١١٤)}

الشرح: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ}: هذا أمر للنبي صلّى الله عليه وسلّم، ولكل مؤمن إلى قيام الساعة، والمعنى: أدّ الصلاة كاملة في أوقاتها، وحافظ على طهارتها وركوعها، وسجودها، وخشوعها، ومن لم يؤدها على الوجه الأكمل، يقال عنه: صلى، ولا يقال: أقام الصلاة، هذا؛ والصلاة في اللغة:

الدعاء، والتضرع، وهي في الشرع: أقوال، وأفعال مخصوصة، مبتدأة بالتكبير، مختتمة بالتسليم، ولها شروط وأركان، ومبطلات ومكروهات مذكورة في الفقه الإسلامي، والصلاة من العبد معناها التضرع والدعاء، ومن الملائكة على العبد معناها: الاستغفار، ومن الله على عباده:

الرحمة وإنزال البركات، وقد جمعت الأنواع الثلاثة في قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}.

{طَرَفَيِ النَّهارِ} أي: أول النهار وآخره، وقد اتفق على أن المراد بالطرف الأول صلاة الفجر، وقد اختلف في آخره، فقيل: صلاة المغرب، وقيل: صلاة الظهر، والعصر، وقيل:

صلاة العصر، وهذا الذي أعتمده، وتؤيده أحاديث شريفة كثيرة. {طَرَفَيِ}: تثنية (طرف) بفتح الطاء والراء، وهو في الأصل: حرف الشيء، ومنتهاه، وجمعه أطراف، وانظره بفتح الطاء وسكون الراء في الآية رقم [٤٣] من سورة (إبراهيم) على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. {وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ} أي: أقم الصلاة في زلف من الليل، وهي ساعاته، والمراد بها:

صلاة المغرب، والعشاء، وعليه أكثر المفسرين، هذا؛ ويقرأ (زلفا) بضم الزاي وتثليث اللام، وقرئ: «(زلفى)» مثل قربى، والأول جمع (زلفة) مثل قربة، واقرأ الآية رقم [١٣٠] من سورة (طه) والآية رقم [١٧] و [١٨] من سورة (الروم)، إن كنت من أهل القرآن، وانظر شرح النهار والليل في الآية رقم [٦٧] من سورة (يونس) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.

{إِنَّ الْحَسَناتِ}: جمع حسنة: وهي فعل كل طاعة وخير، والمراد بها: الصلاة خاصة.

{يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ}: تمحوهن، جمع سيئة، وهي فعل الشر مطلقا، والمراد بها صغائر الذنوب.

{ذلِكَ}: إشارة إلى ما تقدم من قوله: {فَاسْتَقِمْ} إلى هنا. {ذِكْرى}: عظة. {لِلذّاكِرِينَ}: الله خصهم بالذكر لأنهم هم المنتفعون بالموعظة، والعاملون بها.

تنبيه: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنّ رجلا أصاب من امرأة قبلة، فأتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فذكر ذلك له، فنزلت: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ..}. إلخ فقال الرجل: يا رسول الله ألي هذه الآية؟ قال:

«لمن عمل بها من أمّتي». وفي رواية، فقال رجل من القوم يا نبيّ الله! هذه له خاصة، قال: «بل للناس كافة». متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «الصّلوات

<<  <  ج: ص:  >  >>