للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومجرور متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية لا محلّ لها على جميع الوجوه المعتبرة بالفاء.

{وَاصْفَحْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: أنت، ومتعلقه محذوف لدلالة ما قبله عليه، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {اللهَ:} اسمها. {يُحِبُّ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى: {اللهَ،} والجملة الفعلية في محل رفع خبر: {إِنَّ}. {الْمُحْسِنِينَ:}

مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنّه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الاسمية: {إِنَّ اللهَ..}. إلخ تعليل للأمر لا محلّ له.

{وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (١٤)}

الشرح: {وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنّا نَصارى..}. إلخ: أي: ومن الذين ادّعوا أنّهم نصارى متابعون المسيح ابن مريم، عليه السّلام، وليسوا كذلك، فقد أخذنا عليهم العهود والمواثيق على متابعة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، ومناصرته، ومؤازرته واقتفاء آثاره، وعلى الإيمان بكلّ نبيّ يرسله الله إلى أهل الأرض، ففعلوا كما فعل اليهود، حيث خالفوا المواثيق، ونقضوا العهود. {فَنَسُوا حَظًّا مِمّا ذُكِّرُوا بِهِ:} وهو الإيمان بمحمد صلّى الله عليه وسلّم، أي: لم يعملوا بما أمروا به، وجعلوا ذلك الهوى، والتحريف سببا للكفر بمحمد صلّى الله عليه وسلّم.

{فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ} أي: فألقينا بينهم العداوة والبغضاء لبعضهم بعضا، ولا يزالون كذلك إلى قيام الساعة، وكذلك طوائف النّصارى على اختلاف أجناسهم لا يزالون متباغضين متعادين، يكفّر بعضهم بعضا، ويلعن بعضهم بعضا، فكلّ فرقة تحرم الأخرى من الدّين، والرّحمة، ولا تدعها تلج معبدها، وكذلك الوثنيّون طوائف، فكلّ طائفة تكفّر الأخرى في هذه الدّنيا، ويوم يا قوم الأشهاد.

{وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ:} هذا تهديد، ووعيد أكيد للكافرين على اختلاف مللهم، ونحلهم من يهود، ونصارى، ووثنيّين على ما ارتكبوه من الكذب على الله، وعلى رسله، وما نسبوه إلى الله-عزّ، وجلّ، وتقدّس عن قولهم-وتعالى علوّا كبيرا-من جعلهم له شريكا في الملك، وصاحبة، وولدا، تعالى الواحد الأحد، الفرد الصّمد؛ الّذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد.

هذا؛ و {نَصارى} جمع: نصراني، سمّوا بذلك؛ لأنّهم نصروا عيسى، على نبيّنا، وعليه ألف صلاة وألف سلام، أو لأنهم كانوا معه في قرية يقال لها: نصران، أو ناصرة، فسمّوا

<<  <  ج: ص:  >  >>