حملتهم الملائكة، فألقتهم بأرض أنطاكية، فكلم كل واحد صاحبه بلغة القوم. فذلك قوله تعالى:{وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ}. انتهى. قرطبي ونحوه في الخازن، والكشاف.
الإعراب:{إِذْ:} بدل من سابقتها، فهي في محل نصب مثلها. {أَرْسَلْنا:} فعل، وفاعل.
{إِلَيْهِمُ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما على أنهما مفعوله الثاني تقدم على الأول.
{اِثْنَيْنِ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه ملحق بالمثنى، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذْ} إليها.
{فَكَذَّبُوهُما:} فعل، وفاعل، ومفعول به. والميم والألف حرفان دالان على التثنية، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل جر مثلها. (عززنا): فعل، وفاعل، والمفعول محذوف؛ إذ التقدير: فعززناهما. {بِثالِثٍ:} متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل جر أيضا. (قالوا): فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق. {إِنّا:}(إنّ) حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها. {إِلَيْكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما. {مُرْسَلُونَ:} خبر (إنّ) مرفوع إلخ، والجملة الاسمية:{إِنّا..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة:{فَقالُوا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل جر مثلها أيضا.
الشرح:{قالُوا} أي: أهل القرية. {ما أَنْتُمْ إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُنا:} تأكلون الطعام مثلنا، وتمشون في الأسواق، لا مزية لكم علينا تقتضي اختصاصكم بما تدعون. وهذه شبهة كثير من الأمم المكذبة، وقد ذكر الله ذلك عنهم في كثير من آيات القرآن. {وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ} أي: من وحي يأمر به، وينهى. {إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ تَكْذِبُونَ:} في دعوى الرسالة، وتفترون شيئا لم يأذن به الله.
هذا؛ و {بَشَرٌ} يطلق على الإنسان ذكرا كان أو أنثى، مفردا كان، أو جمعا، مثل كلمة:
الفلك تطلق على المفرد، والجمع. وسمّي بنو آدم: بشرا لبدوّ بشرتهم؛ التي هي ظاهر الجلد، بخلاف أكثر المخلوقات، فإنها مكسوة بالشعر، أو بالصوف، أو بالريش. هذا؛ و {بَشَرٌ} يطلق على الواحد، كما في قوله تعالى:{فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا} الآية رقم [١٧] من سورة (مريم)، ولذا ثني في قوله تعالى:{فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا}. الآية رقم [٤٧] من سورة (المؤمنون)، ويطلق على الجمع، كما في قوله تعالى:{فَإِمّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً} الآية رقم [٢٦] من سورة (مريم) على نبينا، وعليها ألف صلاة، وألف سلام.
وأما (مثل) فهو بكسر الميم، وسكون الثاء، ومثله: مثيل، وشبه، وشبيه، وهو اسم متوغل في الإبهام، فلا يتعرف بإضافته إلى الضمير، ونحوه من المعارف، ولذلك نعتت به النكرة في قوله تعالى حكاية عن قول فرعون وقومه:{أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ}. ويوصف به