{مَيْتاً:} حال من: {لَحْمَ أَخِيهِ،} أو من: {أَخِيهِ} نفسه. {فَكَرِهْتُمُوهُ:} الفاء: هي الفصيحة، التقدير: إن صحّ ما ذكر؛ فاكرهوا. (كرهتموه): فعل، وفاعل، والميم علامة جمع الذكور، وحركت بالضم لتحسين اللفظ، فتولدت واو الإشباع، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية لا محلّ لها مع الشرط المقدر، وجملة:{وَاتَّقُوا اللهَ} معطوفة على جملة (اجتنبوا) و (لا تجسسوا) لا محلّ لها مثلهما، وما بينهما اعتراض. وقيل: معطوفة على ما قبلها على تأويلها؛ بالأمر كما رأيت، والجملة الاسمية:{إِنَّ اللهَ تَوّابٌ رَحِيمٌ} تعليل للأمر، لا محلّ لها.
الشرح:{يا أَيُّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى} يعني: آدم، وحواء. أو خلقنا كل واحد منكم من أب، وأم. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: نزلت في ثابت بن قيس بن شماس، وقوله في الرجل الذي لم يفسح له: ابن فلانة، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«من الذاكر فلانة». قال ثابت:
أنا يا رسول الله! قال:«انظر في وجوه القوم». فنظر، فقال:«ما رأيت يا ثابت؟!». قال: رأيت أبيض، وأحمر وأسود، قال:«فإنك لا تفضلهم إلا بالدّين والتقوى». فنزلت في ثابت، ونزل في الذي لم يفسح له:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ..}. إلخ، الاية رقم [١١] من سورة (المجادلة).
وقيل: لما كان يوم فتح مكة أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بلالا؛ حتى علا على ظهر الكعبة، وأذن.
فقال عتّاب بن أسيد بن العيص: الحمد لله الذي قبض أبي، ولم ير هذا اليوم! وقال الحارث بن هشام: أما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذنا؟! وقال سهيل بن عمرو: إن يكره الله شيئا يغيّره! وقال أبو سفيان: إني لا أقول شيئا، أخاف أن يخبره ربّ السماء! فنزل جبريل عليه السّلام، فأخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بما قالوا، وسألهم عمّا قالوا، فأقرّوا، فأنزل الله هذه الاية، وزجرهم عن التفاخر بالأنساب، والتكاثر بالأموال، والازدراء بالفقراء. انتهى. خازن، وقرطبي.
وزاد القرطبي سببا ثالثا لنزول الاية، قال: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بني بياضة أن يزوجوا أبا هند (مولى لهم) امرأة منهم، فقالوا: نزوج بناتنا موالينا؟! فأنزل الله عزّ وجل الاية، وذكر هذا السبب السيوطي في أسباب النزول، وخذ ما يلي:
فعن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-قال: خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمنى في وسط أيام التشريق فقال: «أيّها النّاس إنّ ربّكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربيّ على عجميّ، ولا لعجمي على عربيّ، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلاّ بالتّقوى، إن أكرمكم