-رضي الله عنها-، وقد خطبها معاوية وأبو الجهم:«أمّا معاوية، فصعلوك، وأمّا أبو الجهم؛ فلا يضع عصاه عن عاتقه». ورحم الله من يقول:[الكامل] القدح ليس بغيبة في ستّة... متظلّم ومعرف ومحذّر
ولمظهر فسقا ومستفت ومن... طلب الإعانة في إزالة منكر
ولكن يجب أن تكون الحكمة رائد العقل؛ حتى يعرف كيف يذكر هذا الفاجر، ويتوصل إلى درء خطره، ومنع أذاه، وإلاّ كان السكوت أسلم، وانتظار الفرص أفضل، وأحكم.
{أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ..}. إلخ: مثل الله الغيبة بأكل الميتة؛ لأنّ الميت لا يعلم بأكل لحمه، كما أنّ الحيّ لا يعلم بغيبة من اغتابه. وفيه إشارة إلى أن عرض الإنسان كلحمه، ودمه؛ لأنّ الإنسان يتألم قلبه إذا ذكر بسوء، كما يتألم جسده؛ إذا قطع لحمه، والعرض أشرف من اللحم، فإذا لم يحسن من العاقل أكل لحم الناس؛ فترك أعراضهم أولى. وقوله تعالى:{لَحْمَ أَخِيهِ} آكد في المنع؛ لأن العدو قد يحمله الغضب على أكل لحم عدوه، وقوله تعالى:{مَيْتاً} أبلغ في الزجر، والردع، ولا تنس التمثيل، والتصوير لما يناله المغتاب من عرض المغتاب على أفظع وجه، وأفحش صورة.
{فَكَرِهْتُمُوهُ:} فيه وجهان: أحدهما: فكرهتم أكل الميتة، فكذلك فاكرهوا الغيبة. روي معناه عن مجاهد. الثاني: فكرهتم أن يغتابكم الناس، فاكرهوا غيبة الناس. وقيل: لفظه خبر، ومعناه أمر؛ أي: اكرهوه. {وَاتَّقُوا اللهَ} أي: في أمر الغيبة، واجتناب نواهيه، وانظر الاية رقم [١٠]. {إِنَّ اللهَ تَوّابٌ} أي: بليغ في قبول التوبة. بمعنى: أنه يقبل توبة التائب. {رَحِيمٌ:} كثير الرحمة بعباده المؤمنين التائبين.
الإعراب:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً:} انظر الاية رقم [١] فالإعراب مثله. {مِنَ الظَّنِّ:}
متعلقان ب:{كَثِيراً،} أو بمحذوف صفة له. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {بَعْضَ:} اسمها، وهو مضاف، و {الظَّنِّ} مضاف إليه. {إِثْمٌ:} خبر: {إِنَّ،} والجملة الاسمية تعليل للأمر، لا محلّ لها. {وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): ناهية. {تَجَسَّسُوا:} مضارع مجزوم ب: (لا) الناهية... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية معطوفة على جملة:{اِجْتَنِبُوا..}. إلخ، لا محلّ لها مثلها، والتي بعدها:{وَلا يَغْتَبْ..}. إلخ معطوفة أيضا عليها.
{أَيُحِبُّ:} الهمزة: حرف استفهام وتوبيخ. (يحب): مضارع. {أَحَدُكُمْ:} فاعله، والكاف في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محلّ لها، والمصدر المؤول من:
{أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ} في محل نصب مفعول به، و {لَحْمَ} مضاف، و {أَخِيهِ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه من الأسماء الخمسة، والهاء في محل جر بالإضافة.