للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اُعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٣)}

الشرح: {وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً..}. إلى {غَيْرُهُ:} انظر شرح هذا الكلام، في الآية رقم [٦٥] وهو معطوف عليه، فيقدر المحذوف مثله. هذا؛ و {ثَمُودَ} قبيلة أخرى من العرب، كعاد سموا باسم أبيهم الأكبر ثمود بن غابر بن سام بن نوح، وهو أخو جديس بن غابر، وكانت مساكن ثمود الحجر بين الحجاز والشام إلى وادي القرى وما حوله. قال أبو عمرو بن العلاء: سميت ثمود لقلة مائها، والثمد: الماء القليل. والأول هو المعتمد. وانظر صرفه، وعدمه في الآية رقم [٦٥] وقرئ بصرفه شاذّا. {صالِحاً:} هو ابن عبيد، بن آسف، بن ماسح، بن عبيد، بن حاذر، بن ثمود، وليس من أنبياء بني إسرائيل كهود، وكان بينهما مائة سنة، وعاش صالح مائتين وثمانين سنة كما في التحبير. انتهى جمل. وأخوته لقومه أخوة نسب لا أخوة دين كهود. {جاءَتْكُمْ:} انظر الآية رقم [٤]. {بَيِّنَةٌ:} معجزة واضحة ظاهرة الدلالة على نبوتي، وبرهان جلي على صدقي بأني رسول الله إليكم. ثم فسر هذه المعجزة بقوله سبحانه: {هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً} وكون هذه الناقة معجزة لأنها خرجت من صخرة، وهم ينظرون إليها، وليست من ذكر وأنثى معهودين، وخلقت في ساعة واحدة، وكانت تشرب ماء العين التي هي ماؤهم ورواؤهم في يوم، وهم يشربونه في يوم، وفي يوم شربها كانوا يحلبونها، فيغنيهم لبنها عن الماء ذلك اليوم. وإضافة الناقة إلى {اللهَ} إضافة تشريف، وتعظيم، كما يقال: بيت الله، وعبد الله. {فَذَرُوها:} اتركوها. وانظر الآية رقم [٧٠].

{أَرْضِ اللهِ:} ملكه. {وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ:} نهى عن المس الذي هو مقدمة الإصابة بالسوء الجامع لأنواع الأذى، مبالغة في النهي، كما في قوله تعالى {تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوها} هذا؛ والسوء الشر والفساد، والجمع: أسواء، وهو بضم السين من ساءه، وهو بفتحها المصدر، تقول: رجل سوء بالإضافة، ورجل السّوء، ولا تقول: الرجل السوء، قال تعالى: {إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ} وتأنيثه السوأى: كما في قوله تعالى: {ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى}. وانظر الآية رقم [٩/ ٩٨].

{عَذابٌ:} انظر الآية رقم [٣٧]. {أَلِيمٌ:} مؤلم بكسر اللام، اسم فاعل بمعنى موجع.

وقال سليمان الجمل: بفتح اللام على طريق الإسناد المجازي، حيث أسند الألم للعذاب، وهو في الحقيقة إنما يسند إلى الشخص المعذب، فهو على حد (جدّ جدّه). والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ}. انظر الآية رقم [٦٥] و [٥٩] ففيهما الكفاية. {قَدْ:} حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال.

<<  <  ج: ص:  >  >>