للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستتر، و {مِنَ} بيان لما أبهم في: {ما}. {مَثْنى:} حال من فاعل: {طابَ} المستتر. وقيل:

حال من: {النِّساءِ}. وقيل: بدل من: ({ما}) وضعفهما الجمل نقلا عن السمين، وما بعدها معطوف عليه، ولم تنوّن؛ لأنها ممنوعة من الصّرف، للصّفة، والعدل.

{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُوا:} إعرابه مثل إعراب سابقه. (واحدة): مفعول به لفعل محذوف، التقدير:

فانكحوا واحدة، وقرئ بالرفع، التقدير: فواحدة كافية، فتكون الجملة اسمية، وعلى الاعتبارين فالجملة في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محلّ لها؛ لأنّها لم تحل محل المفرد، والجملة الشّرطية مستأنفة لا محلّ لها. أو: حرف عطف. {ما:} معطوفة على (واحدة) على الوجهين المعتبرين فيها. {مَلَكَتْ:} فعل ماض، والتاء للتأنيث. {أَيْمانُكُمْ:} فاعله، والكاف في محلّ جرّ بالإضافة، والجملة الفعلية صلة: {ما} أو صفتها، والعائد أو الرابط محذوف، التقدير: ملكته أيمانكم. وقال مكي: {ما} مصدرية، وهو ضعيف جدّا.

{ذلِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {أَدْنى:} خبره مرفوع، وعلامة رفعه ضمّة مقدّرة على الألف للتعذّر، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها. {أَلاّ تَعْدِلُوا:} إعرابه مثل إعراب: {أَلاّ تُقْسِطُوا} وهو مثله في التقدير، أي: أدنى من عدم العول، أو: أدنى إلى عدم العول، والجار والمجرور متعلقان ب‍: {أَدْنى}.

{وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (٤)}

الشرح: {وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً} أي: أعطوا النّساء مهورهنّ عطية عن طيب خاطر، وسماحة نفس. وقال ابن عباس، وغيره: الخطاب للأزواج. وقيل: للأولياء، فقد كان الولي في الجاهلية يأخذ مهر المرأة، ولا يعطيها شيئا، فنهوا عن ذلك، وأمروا أن يدفعوا ذلك إليهنّ، ولا تزال آثار الجاهلية فاشية في المجتمع البدويّ، ومن على شاكلتهم من الذين لم يتذوّقوا معنى الإيمان، ولم يعرفوا تعاليم الإسلام. وأقول: إنّ الخطاب يعمّ الأزواج، والأولياء جميعا، وعلى السّواء، وخذ ما يلي:

عن ميمون الكردي، عن أبيه-رضي الله عنهما-قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «أيّما رجل تزوّج امرأة على ما قلّ من المهر، أو كثر، ليس في نفسه أن يؤدّي إليها حقّها، خدعها، فمات، ولم يؤدّ إليها حقّها؛ لقي الله يوم القيامة وهو زان. وأيّما رجل استدان دينا، لا يريد أن يؤدّي إلى صاحبه حقّه، خدعه؛ حتّى أخذ ماله، فمات؛ ولم يؤدّ إليه دينه؛ لقي الله؛ وهو سارق». رواه الطّبرانيّ في الصّغير، والأوسط، ويلحق بهذا من يغتصبها صداقها بعد زواجه بها.

هذا؛ و {نِحْلَةً:} عطيّة، وهبة، ومنحة. فعن أيوب بن موسى، عن أبيه، عن جده-رضي الله عنهم-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما نحل والد ولدا أفضل من أدب حسن». رواه الترمذيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>