للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهاء، والرابط الواو، والضمير، والجملة على تقدير «قد» قبلها، وهذا أقوى من العطف على جواب (لمّا) المحذوف، وجملة: {فَلَمّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ:} معطوفة على (لمّا) السابقة، ومدخولها. و (ما) هي الفاعل، وتحتمل الموصولة، والموصوفة، التقدير: الذي، أو شيء عرفوه، وجملة: {كَفَرُوا بِهِ:} جواب (لمّا) الأولى، أو الثانية.

{فَلَعْنَةُ:} الفاء: حرف عطف، وسبب. (لعنة): مبتدأ، وهو مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله. {عَلَى الْكافِرِينَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، وعلامة الجر الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الاسمية معطوفة على الكلام السّابق لا محل له مثله.

{بِئْسَمَا اِشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ (٩٠)}

الشرح: {بِئْسَمَا:} بئس: فعل ناقص لإنشاء الذم، ونعم: فعل ماض لإنشاء المدح، ف‍ «بئس» منقول من: بئس فلان، بفتح الباء، وكسر الهمزة: إذا أصاب بؤسا، ونعم منقول من:

نعم بفتح النون وكسر العين: إذا أصاب النّعمة، فنقلا إلى المدح، والذمّ، فشابها الحروف، فلم يتصرفا، وفيهما أربع لغات: نعم، وبئس بكسر، وسكون، وهي أفصحهن، ثمّ: نعم وبئس بكسر أولهما وثانيهما، غير أن الغالب في «نعم» أن يتصل بها (ما) كقوله تعالى: {فَنِعِمّا هِيَ،} {نِعِمّا يَعِظُكُمْ بِهِ} و «بئس» اتصلت بها (ما) على اللغة الفصحى، كما في هذه الآية والآية رقم [٩٣] الآتية، وفي سورة (الأعراف) رقم [١٥٠]: {قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي}. واللغة الثالثة: نعم وبأس بفتح، وسكون، والرابعة: نعم، وبئس-بفتح، وكسر-وهي الأصل فيهما، ولا بدّ لهما من شيئين: فاعل، ومخصوص بالمدح، أو الذم، قال ابن مالك رحمه الله تعالى في ألفيته: [الرجز]

فعلان غير متصرّفين... نعم وبئس رافعان اسمين

مقارني ال أو مضافين لما... قارنها كنعم عقبى الكرما

ويرفعان مضمرا يفسّره... مميّز كنعم قوما معشره

والقول بفعليتهما إنّما هو قول البصريين والكسائي بدليل دخول تاء التأنيث عليهما في قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «من توضّأ يوم الجمعة فبها، ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل». وقال الكوفيون إلا الكسائي: هما اسمان؛ بدليل دخول حرف الجر عليهما في قول أعرابي، وقد أخبر بأنّ امرأته ولدت بنتا له، فقال: والله ما هي بنعم الولد! نصرها بكاء، وبرّها صدقة. وقول غيره:

<<  <  ج: ص:  >  >>