للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اُعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاِسْتَعْمَرَكُمْ فِيها فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ (٦١)}

الشرح: {وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً} انظر شرح هذه الكلمات في الآية رقم [٧٣] من سورة (الأعراف) ففيها الكفاية. {قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ} انظر هذا الكلام في الآية رقم [٥٠] فهو مثله بلا فارق. {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} أي: ابتدأ خلقكم من الأرض، وذلك أن آدم عليه السّلام خلق من الأرض، وهذا خلق غير مباشر للمخاطبين، ويكون مباشرا لهم إذا رجعنا إلى تحليل النطفة التي يتكون منها الإنسان، فإنها من الدم، ومصدر الدم في الإنسان الطعام والشراب على اختلاف أنواعهما وألوانهما، فإنهما من الأرض بلا ريب. {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها} أي: جعلكم عمارها، وسكانها، وقال الضحاك: أطال أعماركم فيها حتى كان الواحد منهم يعيش ثلاثمائة سنة إلى ألف، وكذلك كان قوم عاد، وقال مجاهد: أعمركم من العمري، أي: جعلها لكم ما عشتم. انتهى. خازن. أقول: والمعتمد الأول بدليل قوله لهم في سورة (الأعراف): {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً}.

{فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ}: الكلام الشافي على هاتين الجملتين انظره في الآية رقم [٣] {إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} أي: قريب الإجابة لمن دعاه وسأله، وقد توسعت في ذلك في سورة (البقرة) الآية [١٨٦] والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ}: انظر إعراب هذا الكلام في الآية رقم [٥٠] فهو مثله بلا فارق، علما بأن: {ثَمُودَ} يقرأ بالصرف وعدمه.

{هُوَ}: ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {أَنْشَأَكُمْ}: ماض، والفاعل يعود إلى {اللهَ،} والكاف مفعول به. {مِنَ الْأَرْضِ}: متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها وهي من مقول (صالح)، وجملة:

{وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها} معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع مثلها. {فَاسْتَغْفِرُوهُ}: الفاء: هي الفصيحة. (استغفروه): أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب لشرط غير جازم؛ إذ التقدير: وإذا كان ما ذكر حاصلا وواقعا؛ فاستغفروه، والكلام في الحقيقة من مقول صالح عليه السّلام، وجملة: {تُوبُوا إِلَيْهِ} معطوفة على ما قبلها. {إِنَّ}: حرف مشبه بالفعل. {رَبِّي}: اسم إن منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم... إلخ، والياء في محل جر بالإضافة من إضافة اسم

<<  <  ج: ص:  >  >>