للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال سليمان الجمل: ومحصله: أن المعلق على الأول وجوب التوكل، وعلى الاستسلام وجود التوكل، وعلى هذا فجواب الثاني محذوف كما يقتضيه صنيع الكازروني، ونصه، فالمعنى إن كنتم آمنتم؛ وجب عليكم التوكل، وإن كنتم مسلمين؛ توكلتم عليه. انتهى.

{فَقالُوا عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظّالِمِينَ (٨٥)}

الشرح: {فَقالُوا} أي: قال قوم موسى. {عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا} أي: أسلمنا أمورنا إلى الله، ورضينا بقضائه وقدره، وانتهينا إلى أمره، وإنما قالوا ذلك؛ لأنهم كانوا مسلمين. {رَبَّنا}: انظر الآية رقم [٤٥] من سورة (هود). {لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظّالِمِينَ} أي: لا تنصر الفراعنة علينا فيكون ذلك فتنة لنا عن الدين، أو لا تمتحنا بأن تعذبنا على أيديهم.

وقال مجاهد: المعنى: لا تهلكنا بأيدي أعدائنا، ولا تعذبنا بعذاب من عندك، فيقول أعداؤنا: لو كانوا على حق لم نسلط عليهم فيفتنوا.

وقال أبو مجلز وأبو الضحاك: يعني لا تظهرهم علينا، فيروا أنهم خير منا، فيزدادوا طغيانا وكفرا. انتهى. قرطبي. وانظر البغي في الآية [٢٣].

الإعراب: {فَقالُوا}: (قالوا): فعل وفاعل، والألف للتفريق. {عَلَى اللهِ}: متعلقان بما بعدهما. {تَوَكَّلْنا}: فعل وفاعل، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، وجملة:

{فَقالُوا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها أيضا. {رَبَّنا}: منادى حذف منه حرف النداء، و (نا): في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الندائية في محل نصب مقول القول. {لا}: دعائية جازمة. {تَجْعَلْنا}: مضارع مجزوم ب‍ {لا،} والفاعل مستتر تقديره: «أنت»، و (نا): مفعول به أول. {فِتْنَةً}: مفعول به ثان. {لِلْقَوْمِ}:

متعلقان ب‍ {فِتْنَةً،} أو بمحذوف صفة لها. {الظّالِمِينَ}: صفة (القوم) مجرور، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وجملة: {تَجْعَلْنا..}. إلخ في محل نصب مقول القول أيضا.

{وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٨٦)}

الشرح: {وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ} أي: خلصنا، وأنقذنا بفضلك وكرمك من أيدي قوم فرعون الكافرين؛ لأنهم كانوا يستعبدونهم، ويستخدمونهم بالأعمال الشاقة، قال البيضاوي: وفي تقديم التوكل على الدعاء تنبيه على أن الداعي، ينبغي أن يتوكل أولا لتجاب دعوته. وانظر (كفروا) في الآية رقم [١٩] من سورة (هود) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>