الشرح:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:} انظر الآية رقم [٢٩] فإنّه جيد، والحمد لله!. {كُونُوا قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ:} مجتهدين في إقامة العدل. مواظبين عليه، و {قَوّامِينَ:} صيغة مبالغة مثله في الآية رقم [٣٤]، و (القسط): العدل، قال تعالى في سورة (الحجرات): {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.
{شُهَداءَ لِلّهِ} معناه: شهداء بالحقّ لذات الله، ولوجهه، ولمرضاته، وثوابه. {وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ} أي: ولو كانت الشّهادة على أنفسكم بأن تقرّوا بها، وتؤدّوها على الوجه الأكمل؛ لأنّ الشهادة بيان للحقّ؛ سواء أكانت عليه، أو على غيره، ولا يظهر الحقّ إلا بأدائها على الوجه الأكمل.
{أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} أي: ولو كانت الشّهادة على الوالدين، والأقربين من ذوي رحمه، أو أقاربه. فالمعنى: أدّوا الشهادة، وأقيموها لله تعالى، ولا تحابوا قريبا لقرابته، ولا غنيّا لغناه، ولا فقيرا لفقره، فذلك قوله تعالى:{إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما} أي: أرحم بهما منكم، والمعنى: كلوا أمرهم إلى الله تعالى، فهو أعلم بهم، وبحالهم، وإنّما قال:{بِهِما} على التثنية؛ لأنّه ردّ الضمير إلى المعنى دون اللّفظ، يعني: فالله أولى بالغني، وبالفقير؛ أي: الله أولى بكلّ واحد منهما. وقيل: إنّما قال: بهما؛ لأنّه تقدّم ذكرهما، كما قال تعالى في الآية رقم [١٢]: {وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ،} وانظر شرح «الفقير» في الآية رقم [٦].
{فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى:} يقصر، ويمدّ، والمراد بالأول: العشق؛ والغرام، وهو أيضا محبة الإنسان للشيء، وغلبته على قلبه، وهو ما في الآية الكريمة، ومنه قوله تعالى في سورة (النازعات): {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى} أي: نهاها عن شهواتها، وما تدعو إليه من معاصي الله تعالى، ويراد بالممدود: ما بين السّماء والأرض، وقد جاء «الهواء» بمعنى العشق ممدودا في الشّعر، ومنه قول الشاعر:[الطويل]
وهان على أسماء إن شطّت النّوى... نحنّ إليها والهواء يتوق
وإليك هذين البيتين إنّهما من النّكت الحسان:[الكامل]
جمع الهواء مع الهوى في مهجتي... فتكاملت في أضلعي ناران
فقصّرت بالممدود عن نيل المنى... ومدّدت بالمقصور في أكفاني
وقال أبو عبيدة-رحمه الله تعالى-: لم نجد الهوى يوضع إلا موضع الشر؛ لأنّه لا يقال: فلان يهوى الخير، بل يقال: فلان يحبّ الخير، وجمعه: أهواء، وجمع الممدود: أهوية. وقال الشعبيّ