للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومسلحين، وقيل: أصحاء ومرضى، وقيل: عزابا ومتزوجين. والصحيح أن هذا عام؛ لأن هذه الأحوال كلها داخلة تحت قوله تعالى: {خِفافاً وَثِقالاً} والمعنى: على أي حال كنتم فيها.

{وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ}: أبذلوا أموالكم، وأرواحكم من أجل إعلاء كلمة الله تعالى، وانظر ما ذكرته في حق الجهاد في الآية رقم [٩٦] من سورة (النساء) وانظر شرح الأموال في الآية رقم [٢٨] الأنفال و {وَأَنْفُسِكُمْ} في الآية رقم [٩] (الأعراف). و {سَبِيلِ} في الآية رقم [١٤٢] منها {ذلِكُمْ} أي: ما ذكر في النفر والجهاد في سبيل الله. {خَيْرٌ}: انظر الآية رقم [١٢] (الأعراف). {تَعْلَمُونَ}: أنه خير لكم فلا تثاقلوا عن الخروج إلى الجهاد، وإخبار الله لا يكون إلا صدقا، فبادروا إلى ما يدعوكم إليه نبيكم صلّى الله عليه وسلّم.

وينبغي أن تلاحظ: أن الله جلت قدرته قدم في هذه الآية وغيرها الجهاد بالمال على النفس؛ لأن المال شقيق الروح، وقد يبذل الإنسان حياته وروحه في سبيل المال، وقد يهدر كرامته وشرفه في سبيله، وكثير من الناس، يسبب لهم المال العذاب الأليم في نار الجحيم؛ وذلك حينما لم يراقبوا الله تعالى في جمعه وإنفاقه. وكثير من الناس يبيعون الشرف والكرامة بدريهمات، وهو مشاهد في كل زمان ومكان.

الإعراب: {اِنْفِرُوا}: أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية ابتدائية، أو مستأنفة لا محل لها. {خِفافاً وَثِقالاً}: حالان من واو الجماعة، وجملة:

{وَجاهِدُوا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها، والكاف: في محل جر بالإضافة، والميم علامة جمع الذكور. {فِي سَبِيلِ}: متعلقان بالفعل: (جاهدوا)، و {سَبِيلِ}: مضاف، و {اللهِ}: مضاف إليه. {ذلِكُمْ}: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب لا محل له، واللام: للبعد، والميم: علامة جمع الذكور. {خَيْرٌ}: خبر المبتدأ.

{بِأَمْوالِكُمْ}: متعلقان بخير، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها. {إِنْ كُنْتُمْ}: انظر الآية رقم [١٤] {تَعْلَمُونَ}: فعل وفاعل، والمفعول به محذوف، انظر تقديره في الشرح، والجملة الفعلية في محل نصب خبر (كان)، وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله، التقدير: إن كنتم تعلمون فانفروا... إلخ.

{لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اِسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٤٢)}

الشرح: {لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً} أي: لو كان ما تدعوهم إليه غنيمة سهلة، قريبة التناول، لا تعب فيها، ولا عناء، والعرض: ما عرض لك من منافع الدنيا، ومتاعها، وفي الحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>