للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاية رقم [٧٤]: {وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ} وقوله جل شأنه في سورة (مريم): {وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً}.

فعن أنس بن مالك-رضي الله عنه-قال: ما من صباح، ولا رواح إلا تنادي بقاع الأرض بعضها بعضا: يا جاراه! هل مرّ بك اليوم عبد، فصلى لله، أو ذكر الله عليك؟ فمن قائلة: لا، ومن قائلة: نعم، فإذا قالت: نعم رأت بذلك فضلا عليها، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يسمع صوت المؤذّن جنّ، ولا إنس، ولا شجر، ولا حجر، ولا مدر، ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة». رواه ابن ماجه، ومالك من حديث أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-. وخبر حنين الجذع أيضا مشهور في هذا الباب، وأخرجه البخاري في مواضع كثيرة في كتابه، وإذا ثبت ذلك في جماد واحد جاز في جميع الجمادات، ولا استحالة في شيء من ذلك، فكل شيء يسبح للعموم، ولو كان ذلك التسبيح تسبيح دلالة حال (كما يقول البعض) فأي تخصيص لتسبيح الجبال مع داود عليه السّلام؟ وإنما ذلك تسبيح المقال بخلق الحياة، والإنطاق بالتسبيح كما تقدم. هذا؛ وفي قوله تعالى: {ما فِي} تغليب غير العاقل على العاقل.

{الْعَزِيزُ:} القوي الغالب؛ الذي لا يغلب. {الْحَكِيمُ:} الذي يضع الأمور في مواضعها حسب ما تقتضيه الحكمة. وقدم {الْعَزِيزُ} لتقدم العلم بقدرته على العلم بحكمته.

الإعراب: {سَبَّحَ:} فعل ماض. {لِلّهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعول به. وقيل: اللام صلة، وعليه فلفظ الجلالة مجرور لفظا، منصوب محلا. {ما:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل {سَبَّحَ،} والجملة الفعلية ابتدائية لا محل لها من الإعراب: {فِي السَّماواتِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صلة الموصول. {وَالْأَرْضِ:} الواو:

حرف عطف. (الأرض): معطوف على ما قبله. {وَهُوَ:} (الواو): واو الحال. (هو): ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {الْعَزِيزُ:} خبر أول. {الْحَكِيمُ:} خبر ثان، والجملة الاسمية في محل نصب حال من لفظ الجلالة، والرابط: الواو، والضمير.

{لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢)}

الشرح: {لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} يعني: ملكا، وخلقا، وعبيدا، فهو يتصرف بذلك كيف يشاء. {يُحْيِي وَيُمِيتُ:} الإحياء يكون بالخلق والإيجاد الظاهرين، ويكون الإحياء بالإيمان على سبيل الاستعارة التبعية. وقل مثله في الإماتة. قال تعالى في سورة (الأنعام) رقم [١٢٢]: {أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ} فالاستعارة تمثيلية واضحة التقدير: له ملك السموات، والأرض محييا، ومميتا. {وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ:} من الإحياء، والإماتة. هذا؛ ولا تنس الطباق بين {يُحْيِي} و (يميت).

<<  <  ج: ص:  >  >>