عنهما-: أراد النضر بن الحارث، وجداله في القرآن. وقيل: أراد به أبيّ بن خلف. وقيل: أراد جميع الكفار، وهو الأولى.
فعن علي بن أبي طالب-كرم الله وجهه-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طرقه، وفاطمة-رضي الله عنها-ليلا، فقال: «ألا تصلّيان». فقلت: يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف حين قلت له ذلك، ثمّ سمعته، وهو مدبر يضرب فخذه، ويقول: {وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً}. والجدل: شدة الخصومة. وهي مذمومة إلا عند الضرورة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما ضلّ قوم بعد هدى كانوا عليه إلاّ أوتوا الجدل».
ثم قرأ قوله تعالى: {ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاّ جَدَلاً}. رواه الترمذي وابن ماجة.
الإعراب: {وَلَقَدْ صَرَّفْنا..}. إلخ: انظر الآية رقم [٤١] و [٨٩] من سورة (الإسراء) ففيهما الكفاية. {وَكانَ:} الواو: حرف استئناف. (كان): ماض ناقص. {الْإِنْسانُ:} اسم (كان).
{أَكْثَرَ:} خبر (كان)، و {أَكْثَرَ:} مضاف، و {شَيْءٍ} مضاف إليه. {جَدَلاً:} تمييز، وجملة: {وَكانَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها، وإن اعتبرتها في محل نصب حال من الناس؛ فلست مفندا، ويكون الرابط الواو فقط، و «قد» قبلها مقدرة.
{وَما مَنَعَ النّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً (٥٥)}
الشرح: {وَما مَنَعَ النّاسَ..}. إلخ: المعنى وما منع الكافرين من الإيمان بالله ورسوله وقت مجيء الهدى إليهم، وما صدهم عن استغفار ربهم، وطلب العفو منه عنهم إلا انتظارهم أن يحل بهم ما حل بالأمم السابقة، وهو عذاب الاستئصال، والهلاك، أو إلا أن يحل بهم حكم الله بالانتقام منهم. وقيل: المعنى: ما منعهم من الإيمان إلا طلبهم أن تأتيهم سنّة الأولين. فحذف.
وهذا تجلى في قولهم: {اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ..}. إلخ الآية رقم [٣٢] من سورة (الأنفال). {أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً} أي: عيانا، ومشاهدة. وقيل: فجأة. وهو يقرأ بضمتين، فقيل: جمع: قبيل بمعنى: أنواع. ويقرأ بفتحتين، وهو لغة فيه. وقيل: هو بمعنى:
متفرقا يتلو بعضه بعضا، وقرئ: (قبلا) بكسر وفتح، وهو بالمعنى الأول: الذي رأيته، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
بعد هذا انظر شرح: (الناس) في الآية رقم [٦٠] من سورة (الإسراء)، وشرح {جاءَ} في الآية رقم [٥] منها، وشرح {رَبُّكُمْ} في الآية رقم [٨] منها، وشرح: {سُنَّةُ} في الآية رقم [١٣] من سورة (الحجر)، وشرح {أَتى} في الآية رقم [١] من سورة (النحل)، وشرح (أوّل) في الآية رقم [٢٤] منها.