للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {إِلاّ:} حرف حصر. {كانُوا:}

فعل ماض ناقص، والواو اسمه، والألف للتفريق. {عَنْها:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما.

{مُعْرِضِينَ:} خبر (كان) منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم.

وجملة: {كانُوا..}. إلخ في محل نصب حال مستثنى من عموم الأحوال، وجملة: {وَما تَأْتِيهِمْ..}. إلخ معطوفة على جواب (إذا) المقدر، أو هي مستأنفة ولا محل لها على الاعتبارين.

{وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٤٧)}

الشرح: {وَإِذا قِيلَ لَهُمْ} أي: لهؤلاء المشركين من أهل مكة، ومن على شاكلتهم من مانعي الزكاة على سبيل النصيحة، والإرشاد. {أَنْفِقُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللهُ:} أعطوا الفقراء قسما من الأموال التي رزقكم الله إياها، وأنعم عليكم بها. {قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: بالله، وبحكمته، وأحكامه.

{لِلَّذِينَ آمَنُوا} أي: قالوا لهم تهكما، وسخرية، واستهزاء بهم. {أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ} أي: أنعطي ونرزق من لو يشاء الله أعطاه، ورزقه؟! {إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} أي: ما أنتم أيها المؤمنون إلا في خطأ ظاهر واضح؛ حيث تأمروننا بأن ننفق أموالنا على من أفقرهم الله، ولو شاء؛ لأغناهم مثلنا. وقيل: إن الجملة الاسمية من قول المؤمنين للكافرين. وقيل: هي من قول الله لهم.

قال الخازن: نزلت الآية في كفار قريش، وذلك: أن المؤمنين قالوا لكفار مكة: أنفقوا على المساكين مما زعمتم: أنه لله تعالى من أموالكم. وهو ما جعلوه لله من حروثهم، وأنعامهم. انتهى. وقال القرطبي: قيل: إن أبا بكر الصديق-رضي الله عنه-كان يطعم مساكين المسلمين، فلقيه أبو جهل الخبيث، فقال: يا أبا بكر! أتزعم: أن الله قادر على إطعام هؤلاء؟ قال: نعم. قال: فما باله لم يطعمهم؟ قال: ابتلى قوما بالفقر، وقوما بالغنى، وأمر الفقراء بالصبر، وأمر الأغنياء بالإعطاء. فقال: يا أبا بكر! ما أنت إلا في ضلال، أتزعم أن الله قادر على إطعام هؤلاء، وهو لا يطعمهم؟ ثم تطعم أنت، فنزلت هذه الآية، ونزل قوله تعالى في سورة الليل: {فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى..}. إلخ. هذا؛ وقد صدقوا في قولهم لو شاء الله أطعمهم، ولكن كذبوا في الاحتجاج، ومثله ما حكى الله عنهم بقوله: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا..}. إلخ الآية رقم [١٤٨] من سورة (الأنعام)، وقوله تعالى عن المنافقين: {قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ}. انتهى.

وقال الخازن: ومعنى الآية: أنهم قالوا: لو أراد الله أن يرزقهم؛ لرزقهم، فنحن نوافق مشيئة الله فيهم، فلا نطعم من لم يطعمه. وهذا مما يتمسك به البخلاء، يقولون: لا نعطي من

<<  <  ج: ص:  >  >>