للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بملوكها، ولست بملك، وإنّما أنا رجل منكم» ثمّ أخذ السراويل، فذهبت لأحملها، فقال:

«صاحب الشّيء أحقّ بشيئه أن يحمله» ولكنّ المشايخ في هذه الأيام يمدّون أيديهم للتّقبيل.

هذا؛ وقد تكرّر الحثّ على الأمر بالمعروف، والنّهي عن المنكر في هذه السّورة الكريمة.

وخذ ما يلي ملخصا من القرطبيّ-رحمه الله تعالى-: أجمع المسلمون فيما ذكر ابن عبد البرّ- رحمه الله تعالى-: أنّ المنكر واجب تغييره على كلّ من قدر عليه، وأنّه إذا لم يلحقه بتغييره إلا اللّوم؛ الذي لا يتعدى إلى الأذى؛ فإنّ ذلك لا ينبغي أن يمنعه من تغييره، فإن لم يقدر، فبقلبه، ليس عليه أكثر من ذلك، وإذا أنكر بقلبه، فقد أدّى ما عليه إذا لم يستطع سوى ذلك. قال:

والأحاديث عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في تأكيد الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر كثيرة جدّا، ولكنّها مقيّدة بالاستطاعة، قال الحسن البصريّ-رحمه الله تعالى-: إنّما يكلّم مؤمن يرجى، أو جاهل يعلم، فأمّا من وضع سيفه، أو سوطه، فقال: اتّقني! اتّقني! فما لك، وماله. وقال ابن مسعود-رضي الله عنه-: بحسب المرء إذا رأى منكرا، لا يستطيع تغييره أن يعلم الله من قلبه: أنه له كاره.

وروى ابن لهيعة عن الأعرج، عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يحلّ لمؤمن أن يذلّ نفسه». قالوا: يا رسول الله! وما إذلال نفسه؟ قال: «يتعرّض من البلاء لما لا يقوم له». وروي عن بعض الصّحابة: أنه قال: إنّ الرّجل إذا رأى منكرا، لا يستطيع النكير عليه؛ فليقل ثلاث مرات: اللهم إنّ هذا منكر. فإذا قال ذلك؛ فقد فعل ما عليه. وزعم ابن العربيّ: أنّ من رجا زواله، وخاف على نفسه من تغييره الضّرب، أو القتل؛ جاز له عند أكثر العلماء الاقتحام عند هذا الغرر، وإن لم يرج زواله؛ فأيّ فائدة عنده؟ قال: والذي عندي: أنّ النية إذا خلصت؛ فليقتحم، كيف ما كان، ولا يبالي.

الإعراب: {يُؤْمِنُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله.

{بِاللهِ:} متعلقان به. {وَالْيَوْمِ:} معطوف على ما قبله. {الْآخِرِ:} صفة: ({الْيَوْمِ}) والجملة الفعلية في محل رفع صفة ثانية ل‍ {أُمَّةٌ} أو في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط:

الضمير فقط، أو من الضمير في: {قائِمَةٌ} أو هي مستأنفة لا محل لها بالإعراض عمّا قبلها.

وما بعدها مثلها في محلّها، وإعرابها. {وَأُولئِكَ:} الواو: حرف استئناف، ({أُولئِكَ}): اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب، وعطفها على ما قبلها لا يجيزه من لا يجيز عطف الاسمية على الفعلية.

{وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (١١٥)}

الشرح: {وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ..}. إلخ: قرئ الفعلان بالياء؛ لأنّ الكلام متصل بما قبله من ذكر مؤمني أهل الكتاب، وذلك: أنّ اليهود قالوا لعبد الله بن سلام، وأصحابه: إنّكم خسرتم

<<  <  ج: ص:  >  >>