وأجيز اعتبارها خبرا ل:(إن) في الآية السابقة جوزه الزمخشري على حذف العائد، أي: غفور لهم، وعلى هذا؛ فجملة {يَرْجُونَ..}. إلخ في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الضمير.
الشرح:{وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ:} الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم. {مِنَ الْكِتابِ} أي: القرآن الكريم.
{هُوَ الْحَقُّ} أي: الذي لا شك فيه، كما قال تعالى:{لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ،} وقال تعالى:
{لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} الآية رقم [٤٢] من سورة (فصلت).
{مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ} أي: لما سبقه من الكتاب المنزلة على الرسل، كالتوراة، التي أنزلت على موسى، والإنجيل الذي أنزل على عيسى، والزبور الذي أنزل على داود-على نبينا، وعليهم جميعا ألف صلاة، وألف سلام-. وذلك أن كتاب الأنبياء كانت مشتملة على الدعوة إلى التوحيد، وتصديق الأنبياء، والإيمان بالمعاد، والحشر، والنشر، وجاء هذا الكتاب-وهو القرآن المنزل على محمد صلّى الله عليه وسلّم-كذلك. فذلك هو تصديقه لما بين يديه من الكتاب؛ أي: لما تقدمه من الكتاب السماوية. قال أبو حيان: وفي الآية إشارة إلى كون القرآن وحيا؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يكن قارئا، ولا كاتبا، وأتى ببيان ما في كتاب الله، ولا يكون ذلك، إلا من عند الله تعالى. {إِنَّ اللهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ:} عليم بخفايا أمورهم، وظواهرها. {بَصِيرٌ} أي: بهم، لا تخفى عليه خافية من شئونهم. وانظر شرح الوحي في الآية رقم [٥٠] من سورة (سبأ).
الإعراب:{وَالَّذِي:} الواو: حرف استئناف. (الذي): اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {أَوْحَيْنا:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها، والعائد محذوف؛ إذ التقدير: الذي، أوحيناه. {إِلَيْكَ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما.
{مِنَ الْكِتابِ:} متعلقان بمحذوف حال من الضمير المنصوب، العائد على (الذي)، و {مِنَ} بيان لهذا الموصول. {هُوَ:} ضمير فصل، لا محل له. {الْحَقُّ:} خبر المبتدأ. هذا؛ وإن اعتبرت الضمير مبتدأ، والحق خبرا له؛ فتكون الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية:(الذي...) إلخ مستأنفة، لا محل لها. {مُصَدِّقاً:} حال من {الْحَقُّ،} وفاعله مستتر فيه، وهو حال مؤكدة. {لِما:} جار ومجرور متعلقان ب: {مُصَدِّقاً،} ف: (ما) اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام. هذا؛ وقد اعتبر ابن هشام اللام في مثل ذلك زائدة. وسماها: لام التقوية، أي: تقوية عامل ضعيف ضعف عن العمل فيما بعده، وعليه ف:(ما) مجرورة لفظا، منصوبة محلا ب:{مُصَدِّقاً،} وأورد آيات كثيرة شواهد على ذلك، وأورد قول حاتم الطائي. وقيل: هو لقيس بن عاصم المنقري، رضي الله عنه:[الطويل]