للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فطنته، وعدم فكرته، لا لكراهته للحق. وما ذكرته مشاهد في كل زمان، ومكان. هذا؛ والذي أعرض عن الإيمان خوفا من توبيخ قومه له هو أبو طالب، كما قال في شعره: [الكامل]

لولا الملامة أو حذار مسبّة... لرأيتني سمحا بذاك مبينا

الإعراب: {أَمْ:} حرف عطف. وهي في المواضع الثلاثة مقدرة ب‍: «بل» الانتقالية، وهمزة الاستفهام التقريري، والتقدير: بل أجاءهم، بل ألم يعرفوا رسولهم، بل أيقولون: به جنة... إلخ. انتهى. جمل.

{يَقُولُونَ:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون... إلخ، والواو فاعله. {بِهِ:}

متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {جِنَّةٌ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة: {يَقُولُونَ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها أيضا. {بَلْ:} حرف عطف.

{جاءَهُمْ:} ماض، والهاء مفعول به، والفاعل يعود إلى رسولهم، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها. {بِالْحَقِّ:} متعلقان بمحذوف حال من الفاعل المستتر، أي: ملتبسا بالحق. {وَأَكْثَرُهُمْ:} الواو: واو الحال. (أكثرهم): مبتدأ، والهاء في محل جر بالإضافة.

{لِلْحَقِّ:} متعلقان بما بعدهما. {كارِهُونَ:} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الواو... إلخ، والجملة الاسمية: {وَأَكْثَرُهُمْ..}. إلخ في محل نصب حال من الضمير المنصوب، والرابط:

الواو، والضمير. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{وَلَوِ اِتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (٧١)}

الشرح: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ..}. إلخ: فيه أقوال كثيرة: {الْحَقُّ} هنا هو الله سبحانه، وتعالى؛ قاله الأكثرون، منهم: مجاهد، وابن جريج، وأبو صالح، وغيرهم. ومن المعلوم: أن من أسماء الله تعالى «الحق» وعليه؛ فالمعنى: لو وافق الله أهواءهم، وما يريدون؛ لفسدت السموات. وقيل: المعنى: لو كانوا يكفرون بالرسل، ويعصون الله عز وجل، ثم لا يعاقبون، ولا يجازون على ذلك، إما عجزا، وإما جهلا؛ لفسدت السموات، والأرض.

وقيل: المعنى: لو كان الحق ما يقولون من اتخاذ آلهة مع الله تعالى؛ لا ختلفت الآلهة فيما بينها، وأراد بعضهم ما لا يريده بعض، فاضطرب التدبير، وفسدت السموات، والأرض، وإذا فسدتا؛ فسد من فيهما، فيكون على حد قوله تعالى: {لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا} الآية رقم [٢٢] من سورة (الأنبياء). وقيل: المعنى: لو اتبع الحق أهواءهم بما يهوونه، وما يشتهونه؛ لبطل نظام العالم؛ لأن شهوات الناس تختلف، وتتضاد، وسبيل الحق أن يكون متبوعا، وسبيل الناس الانقياد للحق. انتهى. قرطبي بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>