محلّ لها من الإعراب؛ لأنّها ابتدائية، ويقال: لأنّها جملة شرط غير ظرفي. {وَاتَّقَوْا:} فعل ماض مبني على فتح مقدّر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة، التي هي فاعله، والألف للتفريق، ومفعوله محذوف، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. فهي في محل رفع مثلها. {لَكَفَّرْنا:} اللام: واقعة في جواب (لو). (كفرنا): فعل وفاعل، والجملة الفعلية جواب (لو) لا محلّ لها. {عَنْهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {سَيِّئاتِهِمْ:}
مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنّه جمع مؤنث سالم، والهاء في محل جرّ بالإضافة، و (لو) ومدخولها كلام مستأنف، لا محلّ لها.
{وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ:} الواو حرف عطف. اللام: واقعة في جواب قسم محذوف. (أدخلناهم):
فعل، وفاعل، ومفعوله الأول. {جَنّاتِ:} ظرف مكان متعلّق بالفعل قبله عند بعض النحاة، وفي مقدّمتهم سيبويه، والمحققون وعلى رأسهم الأخفش ينصبونه على التوسع في الكلام بإسقاط الخافض، لا على الظرفية، فهو منتصب عندهم انتصاب المفعول به على السّعة بإجراء اللازم مجرى المتعدي، ومثل ذلك يقال في مفعول «دخل» الثلاثي، ومفعول «أنزل» و «سكن». وأيضا قوله تعالى في سورة (البقرة): {اِهْبِطُوا مِصْراً} وعلى جميع الاعتبارات فهو منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة... إلخ، و {جَنّاتِ:} مضاف. و {النَّعِيمِ:} مضاف إليه، وجملة:
(لأدخلناهم...) إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها مثلها.
الشرح:{وَلَوْ أَنَّهُمْ:} الضّمير يعود إلى: {أَهْلَ الْكِتابِ:} اليهود، والنصارى. {أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ:} عملوا بتعاليمهما، فنشروا أحكامهما، وبيّنوا للنّاس ما فيهما من نعت محمد صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنّ ذلك من إقامة هذين الكتابين: الإيمان به، وتصديقه في كلّ ما جاء به، والإذعان لحكمه، فإنّ الكتب الإلهية جميعها آمرة بالإيمان بمن صدّقته المعجزة، ناطقة بوجوب الطّاعة له.
{وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ:} المراد به القرآن الكريم، أو كلّ الكتب السّماوية. {لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} أي: لوسّع الله عليهم أرزاقهم بأن يفيض عليهم بركات السماء والأرض، أو بكثرة ثمرة الأشجار، وغلّة الزّروع، أو يرزقهم الجنان الواسعة اليانعة الثمار، فيجنونها من رءوس الأشجار، ويلتقطون ما تساقط منها على الأرض. بيّن الله بذلك: أنّ ما كف عنهم إنّما هو بشؤم كفرهم، ومعاصيهم، لا لقصور الفيض الإلهي، ولو أنّهم آمنوا، وأقاموا ما أمر الله؛ لوسّع عليهم، وجعل لهم خير الدّارين، كما قال تعالى في سورة (الأعراف): {وَلَوْ أَنَّ}