للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإلهية؛ لهدايتهم، وإرشادهم. وقال النقاش: الأمر هو القرآن أنزله الله من عنده. والأول أقوى، وأصح.

الإعراب: {أَمْراً:} مفعول به لفعل محذوف، التقدير: أعني بهذا الأمر أمرا حاصلا من عندنا، وسماه الزمخشري منصوبا على الاختصاص، أو هو حال من كل أمر؛ أي بمعنى:

آمرين، أو من آمر لتخصيصه بالصفة، أو من ضميره المستتر في {حَكِيمٍ}. وقيل: هو مفعول مطلق، والتقدير: أنزلناه إنزالا. وأجيز اعتباره مفعولا لأجله، وناصبه إما: {أَنْزَلْناهُ،} وإما:

{مُنْذِرِينَ،} وإما: {يُفْرَقُ،} وهذا أضعف الأقوال، وأضعف منه تجويز أبي البقاء اعتباره بدلا من الهاء من: {أَنْزَلْناهُ}. {مِنْ عِنْدِنا:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة: {أَمْراً،} و (نا):

في محل جر بالإضافة. {إِنّا كُنّا مُرْسِلِينَ} إعراب هذه الجملة مثل إعراب: {إِنّا كُنّا مُنْذِرِينَ} وهي هنا مستأنفة، أو للتعليل، فلا محلّ لها على الاعتبارين. وقال النسفي: هي بدل من قوله: {إِنّا كُنّا مُنْذِرِينَ}. هذا؛ وقرئ برفع (أمر) على تقدير: هو أمر.

{رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦)}

الشرح: قال ابن عباس-رضي الله عنهما-في معنى الآية: رأفة مني بخلقي، ونعمة عليهم بعثت إليهم من الرسل. هذا؛ أو المراد إنزال القرآن في ليلة مباركة كان فيه رحمة للعباد. {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ:} لأقوال العباد جميعها سرها، وجهرها. {الْعَلِيمُ:} بأفعالهم صغيرها، وكبيرها، وظاهرها، وخافيها. ولا تنس الالتفات من التكلم إلى الغيبة، ولو جرى الكلام على منوال ما تقدم؛ لقال: رحمة منا.

الإعراب: {رَحْمَةً:} فيه خمسة أوجه: مفعول لأجله، والعامل فيه، إما: {أَنْزَلْناهُ،} وإما:

{أَمْراً،} وإما: {يُفْرَقُ،} وإما: {مُنْذِرِينَ}. الثاني: أنه مفعول مطلق، عامله محذوف، التقدير:

رحمنا رحمة. الثالث: أنه مفعول به لمرسلين. الرابع: أنه حال من ضمير: {مُرْسِلِينَ؛} أي: ذوي رحمة. الخامس: أنه بدل من: {أَمْراً}. انتهى. جمل نقلا من السمين. {مِنْ رَبِّكَ:} جار ومجرور متعلقان ب‍: {رَحْمَةً،} أو بمحذوف صفة لها، والكاف في محل جر بالإضافة. {إِنَّهُ:}

حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمه. {هُوَ:} ضمير فصل لا محلّ له، أو هو توكيد لاسم (إنّ) على المحل. {السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} خبران ل‍: (إنّ). هذا؛ ويجوز اعتبار الضمير مبتدأ، و {السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} خبران عنه، وعليه فالجملة الاسمية في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية تعليل لما قبلها.

{رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٧)}

الشرح: {رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما:} مالك السموات، والأرض، وما بينهما، ومتصرف فيها تصرف الملاك، فإن وجودهما، وانتظامهما على هذا النمط البديع الصنع، من

<<  <  ج: ص:  >  >>