للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مفعول مطلق لفعل محذوف، وتعود الجملة في محل نصب حال. وجوز اعتبار {بَغْتَةً} مصدرا للفعل (يأتي) من غير لفظه، على حد قولهم: أتيته ركضا، فتكون {بَغْتَةً} نائب مفعول مطلق، والجملة الاسمية: {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ}: في محل نصب حال من الضمير المنصوب، والرابط:

الواو، والضمير.

{قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اِتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٨)}

الشرح: {قُلْ هذِهِ سَبِيلِي} أي: قل يا محمد لهؤلاء المشركين هذه طريقي، وسنتي، ومنهاجي. {أَدْعُوا إِلَى اللهِ}: إلى توحيده، وعبادته، وتقديسه، وتعظيمه. {عَلى بَصِيرَةٍ}: على علم، ويقين، وحق، وحجة واضحة غير عمياء، والبصيرة هي المعرفة التي يميز بها بين الحق والباطل. {أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} أي: من آمن بي، وصدق بما جئت به أيضا يدعو إلى ما ذكر.

قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: إن محمدا صلّى الله عليه وسلّم، وأصحابه كانوا على أحسن طريقة، وأفضل هداية، وهم معدن العلم، وكنز الإيمان، وجند الرحمن، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: من كان مستنا فليستن بمن قد مات، أولئك أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم، كانوا خير هذه الأمة، وأبرها قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه، ونقل دينه، فشبهوا بأخلاقهم وطريقتهم، فهؤلاء كانوا على الصراط المستقيم. {وَسُبْحانَ اللهِ} أي: تنزيها لله عما لا يليق بجلاله من جميع العيوب والنقائص، والشركاء، والأضداد، والأنداد. {وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} أي: الذين أشركوا مع الله غيره في العبادة وغيرها.

بعد هذا انظر شرح {سُبْحانَكَ} في الآية رقم [١٠] من سورة (يونس) والسبيل: الطريق، يذكر ويؤنث بلفظ واحد، فمن التذكير قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً} ومن التأنيث ما في الآية الكريمة، والجمع على التأنيث (سبول) وعلى التذكير سبل بضمتين، وقد تسكن الباء، كما في رسل وعسر، ويسر، قال عيسى بن عمر:

كل اسم على ثلاثة أحرف، أوله مضموم وأوسطه ساكن فمن العرب من يخففه، ومنهم من يثقله، وذلك مثل رحم وأسد... إلخ، هذا؛ وابن السبيل المسافر، وسبيل الله الجهاد، وطلب العلم، والحج، وكل ما أمر الله به من أفعال الخير، ويقال: ليس لك علي سبيل، أي: حجة تعتل بها، وليس علي في كذا سبيل، أي: حرج ومؤاخذة.

الإعراب: {قُلْ}: أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {هذِهِ}: اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والهاء حرف تنبيه لا محل له. {سَبِيلِي}: خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة

<<  <  ج: ص:  >  >>