للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: لم يتعرض للكلام في الرد عليهم أحد، وأذكر ما رواه أنس-رضي الله عنه-قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا سلّم عليكم أهل الكتاب، فقولوا: وعليكم». رواه الستة إلا النسائي، وهذا يعني أن لا يرد عليهم السلام كاملا، ولكن في هذا العصر كثر الاختلاط بهم، وتغيرت الأوضاع كما هو معروف ومعلوم، فإذا كان قد أجاز بعض العلماء بدأهم بالسلام كما رأيت، فرد السّلام عليهم كاملا، جائز بالأحرى، ولا سيما في هذا العصر الذي ضعفت فيه الروحانية الإسلامية عند كثير من المسلمين، وكذلك ما أصاب المسلمين من ضعف وهوان في هذه الأيام، وإن أراد المسلم التبرئة من التبعة؛ فلينو بالسلام عليهم والرد عليهم الملائكة الذين يكتبون أعمالهم وتصرفهم في جميع أحوالهم، وكذلك ينوي المسلمين من الجن الذين يكونون قريبا منهم. أقول هذا؛ والله ولي التوفيق، وأضيف: أنه لا يرد عليهم بالرحمة وبالبركة، بل يكتفي بقوله: وعليكم السّلام.

{سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي:} ما أحراك أن تنظر الكلام على هذا الاستغفار في الآية رقم [١١٤] من سورة (التوبة) ففيها الكفاية. {إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا:} الحفي: المبالغ في البر، والرفق، والألطاف. وقال الفراء: أي: عالما لطيفا إذا دعوته يجيبني. هذا؛ و (الحفيّ) أيضا: المستقصي في السؤال، ومنه قوله تعالى: {كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها}.

الإعراب: {قالَ:} ماض، وفاعله يعود إلى إبراهيم عليه السّلام. {سَلامٌ:} مبتدأ، سوغ الابتداء به-وهو نكرة-لأن فيها معنى الدعاء، وفيها أيضا معنى التبري، والمتاركة، فلما أفادت فوائد جاز الابتداء بها. انتهى. مكي. {عَلَيْكَ:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. {سَأَسْتَغْفِرُ:}

السين: حرف استقبال، وتسويف. (أستغفر): مضارع وفاعله تقديره: «أنا»، والسين والتاء للطلب؛ أي: سأطلب لك المغفرة من ربي. {لَكَ:} متعلقان بما قبلهما. {رَبِّي:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم.. إلخ، والياء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {إِنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها، {كانَ:} ماض ناقص، واسمه يعود إلى {رَبِّي}. {رَبِّي:} متعلقان بما بعدهما.

{حَفِيًّا:} خبر {كانَ} وجملة: {كانَ..}. إلخ في محل رفع خبر (إنّ)، والجمل {سَلامٌ..}.

إلخ كلها في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلاّ أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا (٤٨)}

الشرح: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ} أي: أفارقكم، وأفارق ما تعبدون من الأصنام، وذلك: أنه فارقهم، وهاجر إلى الأرض المقدسة. وانظر الاعتزال في الآية رقم [١٦] من سورة

<<  <  ج: ص:  >  >>